
حان وقت إعادة تأهيل أفريقيا
Feb 01, 2023
حان وقت إعادة تأهيل أفريقيا
يقول كوسيني دلاميني، رئيس مجلس إدارة ماسمارت وآسبن فارماكير أنه يتعين على أفريقيا تسخير التكنولوجيا من أجل دفع عجلة التنمية
كتب بواسطة
كوسيني دلاميني
كتب بواسطة
كوسيني دلاميني
Feb 01, 2023
طالما عانت أفريقيا سواء من الاستعمار أو من أولئك الطغاة الذين جاءوا بعده، وبعد التعافي من الوباء العالمي، كيف يمكن أن تستفيد أفريقيا من تجربة كوفيد 19 والتعلم من الدروس المستفادة لتجنب الاضطرابات في سلاسل التوريد العالمية ومن دفعها للانتظار في أخر قائمة انتظار تلقي اللقاحات؟ تحتاج إفريقيا إلى التخلص من وعاء التسول وتحمل مسؤولية مستقبلها.
توفر التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي والروبوتات إمكانيات جديدة، لذا يجب ألا نستهين بأهمية هذه التقنيات بل أن ننغمر في هذه الموجة التكنولوجية، فقارتنا بها العديد من الكوادر الشابة والديناميكية، بالإضافة إلى العديد من الأسواق الضخمة غير المستغلة، فلم يعد من الجيد أن تصدر احكام عنا بسبب ماضينا ولا ينبغي أن تدوم هذه الحالة، خاصة أن القارة بها العديد من الإمكانات العظيمة والمزدهرة والشاملة.
في الثورات التكنولوجية السابقة لم تلعب أفريقيا سوى دور المتفرج، ولكن الآن يقع على عاتق شباب القارة مسؤولية المساهمة في توفير عائد ديموغرافي ثمين.
لقد حان الوقت لنتخلى عن الفكرة المرهقة والمحدودة المتمثلة في إيجاد حلول أفريقية لمعالجة المشاكل الأفريقية، فلقد علمنا كوفيد أننا إنسانية واحدة ومتشابكة، ومفتاح حل جميع القضايا هو الاستثمار بذكاء في العلوم والتكنولوجيا وضمان تحقيق التقدم لجميع الشعوب الأفريقي، ويمكن للأفارقة ويجب عليهم القيام بدور نشط وهادف لإيجاد حلول عالمية للمشاكل العالمية.
فعلى سبيل المثال، يمكن الاستثمار في معادن المستقبل التي ستدعم الإزالة العاجلة والحتمية لانبعاثات الكربون من الاقتصاد العالمي، التي تتركز بشكل رئيسي في أفريقيا، لذا علينا التفكير في كيف يمكننا الاستفادة من ذلك لتعظيم مساهمة أفريقيا واستفادتها؟ فلم يعد بإمكاننا أن نتسامح مع التناقض المتمثل في أننا أغنى قارة من حيث الموارد، ولكننا الأفقر من حيث التنمية الاقتصادية، فيجب أن نستخدم ما لدينا من معادن خضراء لبناء قاعدة صناعية متينة والمساهمة في الكفاح العالمي ضد تغير المناخ.
إن أزمة أمن الطاقة تلوح في الأفق؛ لذا يجب علينا أن نصوب تركيزنا نحو توفير الطاقة الخضراء في إفريقيا - ليس فقط من خلال توفير المعادن، ولكن من خلال تسخير إمكاناتنا الخاصة في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وفي التقنيات المتطورة مثل الهيدروجين الأخضر.
ومن غير المقبول أن تقوم أفريقيا بإنتاج 1٪ فقط من اللقاحات المستخدمة في القارة، حيث أثبتت إفريقيا الآن قدرتها وكفاءتها على أن تكون أكبر منتج للقاحات فيروس كرونا على مستوى العالم من خلال شركة آسبن فارماكير المتطورة في جنوب إفريقيا، فلماذا لا يقوم العالم بشراء المزيد من اللقاحات من إفريقيا؟
لا يمكن أن يعتقد أي شخص أن إعادة تأهيل أفريقيا سيكون أمرًا سهلاً، فالتحديات هائلة؛ لذا سنحتاج إلى مؤسسات عاملة وقادة أكفاء وموظفين مدنيين ومتخصصين في القطاع الخاص مؤهلين ومنضبطين ومتعلمين، بالإضافة إلى ضرورة القضاء على أي مجال للفساد. وقد يبدو ذلك أمرًا مستحيلًا، ولكن دولة مثل سنغافورة تثبت العكس، حيث لديها أشخاص مناسبون في المناصب الملائمة يقومون بمهام تناسب مهاراتهم الإدارية - وليس المعينين السياسيين الذين سيطرون على معظم الدول الأفريقية.
ويتعين علينا تحسين أنظمة الحكم من خلال مؤسسات تبني الثقة بين الدول الأفريقية، ولكي تنطلق إفريقيا إلى الأمام، يتعين على القطاع الخاص الانخراط بصورة أكبر من خلال تقدم حلول للقطاع العام، ولتحقيق التقدم على جميع المستويات، ابتداء من المستوى المحلي مرورًا بالإقليمي وصولًا بالوطني.
ويجب أيضًا على إفريقيا تقوية علاقتها مع العالم بأسره والانتقال من كونها متلقيًا فاسدًا غير فعال على مدار التاريخ للمعونات إلى شريك استراتيجي، فهذا هو وقت التوقف عن الاعتماد على المساعدات والتوجه إلى التجارة والاستثمار، كأساس لشراكة استراتيجية جديدة ومفيدة للطرفين مع العالم برمته.
يتعين على البلدان الأفريقية ليس فقط جذب الاستثمار الأجنبي المباشر بل أيضًا الاحتفاظ به، وحصول أفريقيا على أقل حصة من الاستثمار الأجنبي المباشر العالمي ليس بالوضع الصحيح، لأنها من خلال الاستثمار في العلوم والتكنولوجيا ستتمكن من إعادة تحديد شروط مشاركتها مع بقية العالم، وسيتطلب ذلك الحرص على الاحتفاظ بالموهبة الأفريقية، حيث ينتقل عدد كبير جدًا من رواد الأعمال المتميزين إلى أماكن أخرى لتحقيق أحلامهم المهنية لأنهم فقدوا الثقة في مؤسساتنا.
فوجوب الاعتماد كليًا على طرف ثالث لتطوير أفريقيا فكرة خاطئة، فلقد تطورت كل من أوروبا وأمريكا الشمالية وآسيا بجودهما الذاتية، والآن وبقليل من المساعدة من أصدقائها، يجب على إفريقيا أن تقود تنميتها الخاصة، فمصيرنا مرتبط بما نقوم به، ويمكن لأفريقيا أن تكون القارة الأولى في العالم وستكون كذلك - بشرط أن نمتلك الرؤية والشجاعة للقيام بما يتطلبه الأمر.