
مصدر رزق جديد
Feb 01, 2023
مصدر رزق جديد
يساعد استغلال احتياطيات الغاز الطبيعي أفريقيا على تجنب المجاعة
كتب بواسطة
جوناثان روزنتال, محرر أفريقيا، الإيكونوميست
كتب بواسطة
جوناثان روزنتال, محرر أفريقيا، الإيكونوميست
Feb 01, 2023
يقول إينوك باندا -تاجر يبلغ من العمر 26 عامًا- وهو يقف أمام أربعة أوعية بالية يبيع فيها الفاصوليا المجففة في أحد الأسواق في ليلونجوي عاصمة ملاوي: «إننا نكافح»، ويضيف متحسرًا أن «عدد قليل من الناس يمتلكون المال للإنفاق ويزودونا المزارعون بمحاصيل أقل من المعتاد»، في حين أن بالقرب من هذا السوق، تمتد صفوف طويلة من السيارات من محطات الوقود إلى الطرق القريبة منه للحصول على الوقود، ولم تتحرك مليمترًا واحدًا منتظرة وصول وقود الديزل منذ ثلاثة أيام وتلك حالة عامة في العديد من الدول الأفريقية، فقد أدى الغزو الروسي لأوكرانيا إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية وانتشار الجوع.
وللوهلة الأولى يبدو ذلك غير منطقي، فأكثر من 60٪ من أفارقة جنوب الصحراء يكسبون قوت يومهم عن طريق حراثة التربة في المزارع الصغيرة، ويأكلون عادة مما يزرعونه، وفي بعض البلدان مثل ملاوي 80٪ من السكان هم من مزارعي الكفاف، فإذا حسبنا جميع ما ينتجه المزارعين فإن إفريقيا جنوب الصحراء ككل تنتج 94 ٪ من الغذاء الذي تحتاجه، وتتاجر المنطقة بكميات قليلة جدًا من الحبوب دوليًا، مما قد يجنبها التأثر بالأسعار العالمية المرتفعة.
من المؤكد أن بعض البلدان مثل نيجيريا وهي من كبار مستوردي المواد الغذائية ستتأثر بشكل كبير بتقلبات الأسواق العالمية، وتتأثر مصر والسودان أيضًا لأنهما يعتمدان على واردات القمح لتوفير حوالي نصف احتياجاتهم، ومع ذلك فلم ترتفع أسعار المواد الغذائية فقط في هذه البلدان ولكن أيضًا في جميع أنحاء أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، ويشير صندوق النقد الدولي إلى أنه بين عامي 2020 و2022 ارتفعت أسعار المواد الغذائية الأساسية في المنطقة بمتوسط 24٪ ويتضمن ذلك الأطعمة المزروعة محليًا، فعلى سبيل المثال قفز سعر الكسافا بنسبة 78٪ في دولة غانا.
يؤدي ارتفاع اسعار الغذاء إلى انتشار الجوع على نطاق واسع وخاصة في الدول التي وجدت خزائنها فارغة، فبحلول منتصف عام 2020، كان واحد من كل ثمانية أشخاص في ملاوي يعاني من نقص حاد في الغذاء، أو أقل من المستوى الذي تعلن فيه الأمم المتحدة حالة الطوارئ الإنسانية على مقياس الأمن الغذائي، ويتزايد هذا الرقم بسرعة، فبحلول أوائل عام 2023 سيعاني واحد من كل خمسة أشخاص في ملاوي من نقص الغذاء حتى يبدأ الحصاد الوطني في أبريل أو مايو، ويمكن رؤية المزيد من الحالات المتشابهة في كافة أنحاء القارة، وفي منتصف عام 2022، كان حوالي 346 مليون شخص في إفريقيا يعانون من نقص في الغذاء، ويتوقع معظم المحللين أن هذا الرقم سيستمر في الارتفاع بشكل حاد في عام 2023.
والسبب الرئيسي للارتفاع السريع في أسعار المواد الغذائية المنتجة محليًا - وفي استمرار هذه الزيادة في عام 2023 هو زيادة أسعار أسواق النفط والغاز الطبيعي، فقد أدى ارتفاع أسعار الطاقة إلى ارتفاع تكلفة النقل والأسمدة، وكلاهما من المستلزمات الأساسية لعملية الزراعة، وقد زادت أسعار الأسمدة في أجزاء كثيرة من أفريقيا بأكثر من الضعف منذ بداية الوباء، و الملايين من مزارعي الكفاف الذين يعانون من الفقر حتى في أفضل المواسم قاموا ببساطة بخفض الكمية التي يستخدمونها، وتشير شركة Vele Africa ، وهي شركة استشارية إلى أنه «من المرجح أن نشهد الأثار الوخيمة لنقص الأسمدة في عام 2023»، وأضافت أن» الطعام الذي يُستهلك حاليًا قد أُنتج من 4 إلى 6 أشهر ويُستخدم الآن السماد الذي اشتريناه قبل عام».
وفي الوقت ذاته قد يقدم كل من الغاز والأسمدة بعض الفرص في أفريقيا في عام 2023، حيث عُثر على ما لا يقل عن 40 ٪ من إجمالي الغاز الطبيعي المكتشف في جميع أنحاء العالم في إفريقيا بين عامي 2010 و2020، لذا تحوي القارة الآن 13٪ من احتياطيات الغاز الطبيعي في العالم، وقد صرحت وكالة الطاقة الدولية وهي مجموعة من الدول الغنية المستوردة للطاقة أن افريقيا بالكاد استطاعت استغلال نسب بسيطة من هذا المخزون.
إن الجهود التي تبذلها أوروبا للتوقف عن استخدام إمدادات الغاز الروسي تحفز الدول الأفريقية لاتخاذ بعض الإجراءات، فمثلًا تضخ الجزائر المزيد من الغاز عبر خط أنابيب تحت البحر الأبيض المتوسط، ووعدت مصر بإرسال المزيد من شحنات الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا، كما يجرى إنشاء مشاريع غاز طبيعي مسال جديدة في موريتانيا والسنغال، بالإضافة إلى تسريع تنفيذ المشاريع التي توقفت.
بشكل عام، قد تساهم إفريقيا في تغطية حوالي 20٪ من العجز الذي تعاني منه أوروبا في السنوات القادمة، فحقول الغاز التي لم يكن من الممكن تطويرها لولا ذلك الوضع أصبحت الآن ذات جدوى، وإذا طُبقت السياسات بشكل سليم، يمكن أن تساهم هذه الحقول أيضًا في زيادة إمدادات الغاز داخل إفريقيا، وأن يساهم في إدارة مصانع الأسمدة الجديدة، مثل أكبر مصانع الأسمدة في إفريقيا التي افتتحت في نيجيريا في أوائل عام 2022، كما أنه سيساهم في إطلاق محطات طاقة جديدة - مما يعطي بصيصًا من الأمل في مثل هذه السنة الصعبة.