Article Main Image

العملاق الذي يعاني من الركود

Feb 01, 2023

العملاق الذي يعاني من الركود

استمرار معاناة الاقتصاد النيجيري

كتب بواسطة

كينلي سالمون، مراسل إفريقيا، الإيكونوميست، أبوجا

كتب بواسطة

كينلي سالمون، مراسل إفريقيا، الإيكونوميست، أبوجا

Feb 01, 2023

يرتبط‭ ‬مصير‭ ‬إفريقيا‭ ‬جنوب‭ ‬الصحراء‭ ‬بمصير‭ ‬دولة‭ ‬نيجيريا،‭ ‬حيث‭ ‬أن‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬ستة‭ ‬أفارقة‭ ‬من‭ ‬جنوب‭ ‬الصحراء‭ ‬هو‭ ‬مواطن‭ ‬نيجيري،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬اقتصاد‭ ‬نيجيريا‭ ‬هو‭ ‬أكبر‭ ‬اقتصاد‭ ‬في‭ ‬قارة‭ ‬افريقيا،‭ ‬فازدهار‭ ‬نيجيريا‭ ‬يساعد‭ ‬على‭ ‬انتشال‭ ‬جيرانها‭ ‬من‭ ‬الفقر،‭ ‬وانهيار‭ ‬أي‭ ‬دولة‭ ‬يضر‭ ‬بالأخرين‭ ‬مما‭ ‬يمثل‭ ‬مشكلة‭ ‬كبرى،‭ ‬فمنذ‭ ‬عام‭ ‬2015‭ ‬حتى‭ ‬عام‭ ‬2020‭ ‬واقتصاد‭ ‬نيجيريا‭ ‬ينمو‭ ‬ببطء‭ ‬شديد‭ ‬لدرجة‭ ‬أن‭ ‬المواطن‭ ‬النيجيري‭ ‬العادي‭ ‬أصبح‭ ‬فقيراً‭ ‬عند‭ ‬احتساب‭ ‬القيمة‭ ‬الحقيقية‭.‬


كان‭ ‬هبوط‭ ‬أسعار‭ ‬السلع‭ ‬الأساسية‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2015‭ ‬جزءًا‭ ‬من‭ ‬المشكلة‭ ‬ولكن‭ ‬ألحقت‭ ‬نيجيريا‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الضرر‭ ‬بنفسها،‭ ‬ففي‭ ‬عام‭ ‬2019،‭ ‬أغلقت‭ ‬حكومتها‭ ‬الحدود‭ ‬البرية‭ ‬أمام‭ ‬جميع‭ ‬البضائع،‭ ‬بدعوى‭ ‬منع‭ ‬المهربين‭ ‬من‭ ‬التنافس‭ ‬مع‭ ‬المنتجين‭ ‬المحليين،‭ ‬مما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬ارتفاع‭ ‬معدلات‭ ‬التضخم،‭ ‬وأدت‭ ‬الجهود‭ ‬المبذولة‭ ‬لدعم‭ ‬سعر‭ ‬الصرف‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تقييد‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬الدولار‭ ‬إلى‭ ‬صعوبة‭ ‬قيام‭ ‬الشركات‭ ‬باستيراد‭ ‬مستلزمات‭ ‬الإنتاج‭ ‬الأساسية،‭ ‬مما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬اضطرار‭ ‬البنك‭ ‬المركزي‭ ‬إلى‭ ‬تخفيض‭ ‬قيمة‭ ‬النيرة‭ ‬وبعد‭ ‬ذلك‭ ‬انتشر‭ ‬الوباء‭.‬


ومن‭ ‬وسط‭ ‬الظلام‭ ‬يظهر‭ ‬النور،‭ ‬ففي‭ ‬عامي‭ ‬2021‭ ‬و2022‭ ‬ارتفع‭ ‬معدل‭ ‬النمو‭ ‬قليلاً،‭ ‬نتيجة‭ ‬للانتعاش‭ ‬بعد‭ ‬الوباء‭ ‬وارتفاع‭ ‬أسعار‭ ‬النفط‭. ‬وأصبحت‭ ‬العاصمة‭ ‬التجارية‭ ‬لاغوس‭ ‬مليئة‭ ‬بالشركات‭ ‬الناشئة،‭ ‬وفي‭ ‬الأشهر‭ ‬الستة‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬2022‭ ‬جمعت‭ ‬الشركات‭ ‬الناشئة‭ ‬النيجيرية‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ضعف‭ ‬ما‭ ‬جمعته‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬2021،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬إنتاج‭ ‬نوليوود،‭ ‬النسخة‭ ‬المحلية‭ ‬لهوليوود،‭ ‬حوالي‭ ‬2500‭ ‬فيلم‭ ‬سنويًا‭ ‬وهي‭ ‬ثاني‭ ‬أكبر‭ ‬صانعة‭ ‬أفلام‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الإنتاج،‭ ‬فضلًا‭ ‬عن‭ ‬سيطرة‭ ‬الموسيقيين‭ ‬النيجيريين‭ ‬ابتداء‭ ‬من‭ ‬بورنا‭ ‬بوي‭ ‬وصولًأ‭ ‬لويزكيد‭ ‬على‭ ‬الساحة‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭.‬


ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬نجوم‭ ‬الاقتصاد‭ ‬قليلون‭ ‬جدًا‭ ‬ويتركزون‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬لاغوس‭ ‬لتقديم‭ ‬يد‭ ‬العون‭ ‬لسكان‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬البلدان‭ ‬البالغ‭ ‬عددهم‭ ‬220‭ ‬مليون‭ ‬نسمة،‭ ‬فإن‭ ‬إطلاق‭ ‬العنان‭ ‬لطفرة‭ ‬أوسع‭ ‬من‭ ‬رجال‭ ‬الاقتصاد‭ ‬يتطلب‭ ‬إصلاحًا‭ ‬اقتصاديًا‭ ‬جادًا،‭ ‬وتعد‭ ‬الانتخابات‭ ‬الرئاسية‭ ‬في‭ ‬فبراير‭ ‬بانتهاء‭ ‬رئاسة‭ ‬محمد‭ ‬بخاري‭ ‬الفاشلة‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬باستثناء‭ ‬الفوز‭ ‬المفاجئ‭ ‬لبيتر‭ ‬أوبي،‭ ‬مرشح‭ ‬حزب‭ ‬ثالث،‭ ‬فإن‭ ‬المنتصر‭ ‬سيأتي‭ ‬من‭ ‬نفس‭ ‬زمرة‭ ‬النخب‭ ‬الكليبتوقراطية،‭ ‬ويتبع‭ ‬كلا‭ ‬الحزبين‭ ‬الرئيسيين‭ ‬‮«‬سياسات‭ ‬حمائية‭ ‬في‭ ‬غالب‭ ‬الاحيان‭ ‬تنقلب‭ ‬على‭ ‬متبعيها‭ ‬وتدمرهم‮»‬،‭ ‬كما‭ ‬يحذر‭ ‬ماثيو‭ ‬بيج‭ ‬من‭ ‬المؤسسة‭ ‬البحثية‭ ‬تشاتام‭ ‬هاوس‭.‬


كما‭ ‬أن‭ ‬انعدام‭ ‬الأمن‭ ‬يحول‭ ‬دون‭ ‬زيادة‭ ‬معدلات‭ ‬النمو،‭ ‬ففي‭ ‬الأشهر‭ ‬الستة‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬2022،‭ ‬قُتل‭ ‬6000‭ ‬نيجيري‭ ‬في‭ ‬النزاعات،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬زحف‭ ‬ولاية‭ ‬غرب‭ ‬إفريقيا‭ ‬التابعة‭ ‬لتنظيم‭ ‬الدولة‭ ‬الإسلامية،‭ ‬وهي‭ ‬جماعة‭ ‬جهادية،‭ ‬نحو‭ ‬العاصمة‭ ‬أبوجا،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ميليشيات‭ ‬الشمال‭ ‬الغربي‭ ‬التي‭ ‬تبتز‭ ‬المدنيين‭ ‬وتخطفهم‭ ‬بشكل‭ ‬متكرر‭. ‬


بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬سوء‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأمور‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الأخرى،‭ ‬حيث‭ ‬بلغ‭ ‬معدل‭ ‬التضخم‭ ‬21‭ ‬٪‭ ‬تقريبًا‭ ‬في‭ ‬سبتمبر،‭ ‬وهو‭ ‬أعلى‭ ‬مستوى‭ ‬تشهده‭ ‬الدول‭ ‬الأفريقية‭ ‬منذ‭ ‬17‭ ‬عامًا،‭ ‬وخفضه‭ ‬سيتطلب‭ ‬رفع‭ ‬أسعار‭ ‬الفائدة،‭ ‬وتمثل‭ ‬خدمة‭ ‬الديون‭ ‬مصدر‭ ‬قلق‭ ‬لأن‭ ‬الحكومة‭ ‬تجمع‭ ‬القليل‭ ‬من‭ ‬الضرائب،‭ ‬فحتى‭ ‬طفرة‭ ‬أسعار‭ ‬النفط‭ ‬التي‭ ‬طال‭ ‬أمدها‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬تساعد،‭ ‬فينبغي‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬زيادة‭ ‬معدلات‭ ‬النمو،‭ ‬ولكن‭ ‬أسعار‭ ‬النفط‭ ‬المرتفعة‭ ‬تضر‭ ‬بالخزينة‭ ‬العامة‭. ‬وتدعم‭ ‬نيجيريا‭ -‬أكبر‭ ‬مُنتج‭ ‬للنفط‭ ‬في‭ ‬أفريقيا‭- ‬أسعار‭ ‬الوقود،‭ ‬ولكن‭ ‬تكلفة‭ ‬القيام‭ ‬بذلك‭ ‬تفوق‭ ‬الإيرادات‭ ‬الإضافية‭ ‬من‭ ‬أسعار‭ ‬النفط‭ ‬المرتفعة‭ ‬–‭ ‬لذا‭ ‬تقول‭ ‬وزيرة‭ ‬المالية،‭ ‬زينب‭ ‬أحمد‭ ‬إن‭ ‬التأثير‭ ‬الصافي‭ ‬‮«‬منعدم‭ ‬أو‭ ‬سلبي‮»‬،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬تفشي‭ ‬السرقة‭ ‬التي‭ ‬تجعل‭ ‬الأمور‭ ‬أسوأ‭.‬


وكل‭ ‬هذا‭ ‬قد‭ ‬يدفع‭ ‬الحكومة‭ ‬لرفع‭ ‬الدعم،‭ ‬وتحرير‭ ‬الأموال‭ ‬للإنفاق‭ ‬على‭ ‬الخدمات‭ ‬مع‭ ‬فرصة‭ ‬أفضل‭ ‬لتعزيز‭ ‬النمو،‭ ‬مثل‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬والتعليم‭. ‬وعلى‭ ‬المدى‭ ‬الطويل،‭ ‬قد‭ ‬يؤدي‭ ‬تراجع‭ ‬أهمية‭ ‬النفط‭ ‬إلى‭ ‬تغيير‭ ‬أوضاع‭ ‬نيجيريا‭ ‬للأسوأ،‭ ‬حيث‭ ‬يتشاجر‭ ‬المسؤولين‭ ‬على‭ ‬أموال‭ ‬النفط‭ ‬ويغفلون‭ ‬مواطنيهم،‭ ‬فإذا‭ ‬لم‭ ‬يحصلوا‭ ‬على‭ ‬النقد‭ ‬مقابل‭ ‬النفط،‭ ‬فسيحتاجون‭ ‬إلى‭ ‬توسيع‭ ‬نطاق‭ ‬الاقتصاد‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬عام‭ ‬2023‭ ‬سيشهد‭ ‬خطوات‭ ‬في‭ ‬الاتجاة‭ ‬الصحيح‭ ‬لكل‭ ‬هذه‭ ‬الأمور‭ ‬ولكن‭ ‬والأكثر‭ ‬احتمالاً،‭ ‬للأسف،‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬نشهد‭ ‬عام‭ ‬من‭ ‬النمو‭ ‬البطيء‭ ‬يتخلله‭ ‬أعمال‭ ‬عنف‭ ‬مدمرة‭.‬


قد‭ ‬يؤدي‭ ‬رفع‭ ‬الدعم‭ ‬عن‭ ‬الوقود‭ ‬إلى‭ ‬تحرير‭ ‬الإنفاق‭ ‬على‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬والتعليم