
كيف تؤثر محاربة الفقر في قضية المناخ؟
Feb 01, 2023
كيف تؤثر محاربة الفقر في قضية المناخ؟
تقول فانيسا ناكاتي، الناشطة المناخية، وسفيرة اليونيسف للنوايا الحسنة ومؤلفة كتاب «صورة أكبر» أن أفريقيا تحتاج إلى المزيد من الطاقة المتجددة
كتب بواسطة
فانيسا ناكاتي
كتب بواسطة
فانيسا ناكاتي
Feb 01, 2023
ليست أوروبا وحدها التي تعاني نتيجة أزمة الطاقة التي تفاقمت بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا، فلقد أدت الزيادة العالمية في أسعار النفط والغاز إلى الإضرار أيضًا بالمجتمعات والشركات في جميع الدول الأفريقية.
ستتفاقم أزمة فقر الطاقة التي بلغت بالفعل مستويات عالية في جميع أنحاء القارة، حيث يفتقر حوالي 600 مليون شخص في أفريقيا جنوب الصحراء إلى الكهرباء، وسيؤدي ذلك إلى حدوث آثار مضاعفة في الحياة اليومية للشعوب مثل تدهور الصحة والتعليم، وتدمير سبل العيش.
والأخطر من ذلك هو معاناة أفريقيا أيضًا من أزمة غذاء عالمية نتيجة لموجات الجفاف التي استمرت أربع سنوات في أجزاء كثيرة من المنطقة، فضلًا عن الحرب في أوكرانيا التي خلفت ملايين الجوعى. ودفع عدم الاستقرار المترتب على هذه الأزمات العديد من البلدان الأفريقية إلى حافة الهاوية، ومن المتوقع أن تستمر هاتان القضيتان المتلازمتان حتى عام 2023 وما بعده.
ومع ذلك، فإن ظاهرة ابتلاء البلدان الأفريقية بالتقلبات في أسعار الوقود الأحفوري ليست وليدة هذه الفترة، فقد أدت زيادة أسعار الكهرباء في عام 2016 في ساحل العاج التي تعتمد بشكل كبير على الغاز لتوليد الطاقة إلى احتجاجات قتلت خلالها الشرطة وأصابت العديد من المتظاهرين، حيث ستعاني المجتمعات النامية التي تعتمد على السلع الأساسية متقلبة الأسعار أكثر من غيرهم.
ولحل هذه الأزمة، يشجع بعض القادة الأفارقة مواطنيهم على استخدام الكهرباء، واقترحوا بعض السياسات مثل التحول إلى استخدام السيارات الكهربائية لتقليل التعرض لصدمات أسعار النفط المرتفعة، وعلى الرغم من أن الشبكات الكهربائية والبنية التحتية للشحن لا تزال غير مؤهلة لدعم ذلك، فستنتشر فكرة استخدام التقنيات النظيفة نتيجة لأزمة الطاقة هذه.
لكن الحل الأمثل يكمن في التحول للطاقة المتجددة، فالكهرباء المُولدة من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح أوفر من الكهرباء المُولدة من الغاز وستظل كذلك بالإضافة إلى أن اسعارها في الغالب لا تخضع لمثل هذه التقلبات الخطيرة.
تتزايد جهود نشر الفكرة خاصة التي تبذلها وكالة الطاقة الدولية حول المطالبة بمزيد من الاستثمارات في الطاقة المتجددة في إفريقيا لتجنب التقلبات غير المتوقعة في الأسعار الناتجة عن أزمة الطاقة الحالية والمستقبلية، وتنتشر الفكرة نفسها في جميع أنحاء العالم، ولكن الاستجابة لمثل هذه الجهود في أفريقيا أكثر أهمية لمكافحة المستويات المرتفعة من فقر الطاقة، فاالطاقة المتجددة هي الخيار الأمثل للمساعدة في بلوغ هذا الهدف. ومصادر الطاقة المتجددة، التي تقع بالقرب من نقطة الاستخدام في المناطق الريفية في إفريقيا أكثر جدوى من الناحية الاقتصادية من بناء خطوط نقل طويلة المدى للكهرباء المولدة في محطات الطاقة التي تعمل بالغاز (التي سوف تصبح على المدى الطويل غير مستدامة).
تمثل تنمية الطاقة المتجددة أيضًا خطوة حيوية يتعين على إفريقيا اتخاذها من أجل الحصول على مناخ مستقر، وقد وصف الأمين العامّ للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عمليات تطوير أي بنية تحتية جديدة للوقود الأحفوري بأنه «جنون على المستوى الأخلاقي والاقتصادي».
على الرغم من كل هذا، فإن حجم الاستثمارات في قطاع مصادر الطاقة في إفريقيا لا يتعدى 2٪ فقط، على الرغم من أن القارة تمتلك 39٪ من إمكانات العالم للطاقة المتجددة؛ لذا فإن البلدان الأفريقية في حاجة ماسة إلى المزيد من الاستثمارات الخاصة والعامة من الدول الغنية في شمال الكرة الأرضية لتمويل التوسع في قطاع الطاقة المتجددة، وتقدر الوكالة الدولية للطاقة المتجددة أنه ستكون هناك حاجة إلى 70 مليار دولار من الاستثمار في مشاريع الطاقة المتجددة في إفريقيا كل عام حتى عام 2030، إذا وُفرت الطاقة النظيفة في جميع أنحاء القارة.
وفي سبتمبر 2022، أتيحت لي فرصة السفر لكينيا مع اليونيسف لزيارة المجتمعات التي تعاني من موجات الجفاف المروعة، فعلى الرغم من معاناتهم من الطقس القاسي، يتعين عليهم أيضًا مواجهة أسعار الغذاء والطاقة المتضخمة مثلهم مثل بقية العالم. إن تأثير أزمة المناخ واضح من خلال هذه الأحداث المتداخلة – والمجتمعات الأكثر تضررًا هم الأكثر فقرًا في العالم أي الذين لديهم موارد محدودة للتغلب على هذه الأزمات.
هذه المجتمعات أيضًا هي الأقل مساهمة في تغير المناخ، ففي تقرير صدر في يونيو لاحظت وكالة الطاقة الدولية أن «إفريقيا تمثل أقل من 3٪ من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في العالم الناتج عن مصادر الطاقة حتى الآن».
سيزداد الطلب على حلول الطاقة النظيفة التي يمكن أن تدفع عجلة التنمية وتساعد على جعل هذه المجتمعات أكثر قدرة على الصمود في مواجهة هذه الأزمات، دون إنتاج المزيد من انبعاثات الكربون؛ لذا يتعين على البلدان وبنوك التنمية والمؤسسات الخاصة في شمال الكرة الأرضية -حيث كانت التنمية مدفوعة باستخراج الوقود الأحفوري وحرقه، بما في ذلك الوقود المستخرج من إفريقيا -الاستجابة لدعوات الاستثمار.