Article Main Image

ما هو مصير روسيا؟

Feb 01, 2023

ما هو مصير روسيا؟

تخاطر روسيا بأن تصبح دولة غير قابلة للحكم ومن ثم الغرق في بحر من الفوضى

كتب بواسطة

أركادي أوستروفسكي، محرر روسيا، الإيكونوميست

كتب بواسطة

أركادي أوستروفسكي، محرر روسيا، الإيكونوميست

Feb 01, 2023

عندما‭ ‬غزا‭ ‬الرئيس‭ ‬الروسي‭ ‬فلاديمير‭ ‬بوتين‭ ‬أوكرانيا‭ ‬في‭ ‬24‭ ‬فبراير‭ ‬2022،‭ ‬شرع‭ ‬في‭ ‬الاستيلاء‭ ‬على‭ ‬الأراضي،‭ ‬وحرمها‭ ‬سيادتها،‭ ‬ويقضي‭ ‬على‭ ‬هويتها‭ ‬الوطنية‭ ‬ويعمل‭ ‬على‭ ‬تحويل‭ ‬ما‭ ‬تبقى‭ ‬منها‭ ‬إلى‭ ‬دولة‭ ‬فاشلة‭. ‬وبعد‭ ‬شهور‭ ‬من‭ ‬المقاومة‭ ‬الشرسة‭ ‬لأوكرانيا،‭ ‬أصبحت‭ ‬دولة‭ ‬أوكرانيا‭ ‬وهويتها‭ ‬أقوى‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬وقت‭ ‬مضى،‭ ‬وانقلب‭ ‬السحر‭ ‬على‭ ‬الساحر‭.‬


إن‭ ‬حرب‭ ‬بوتين‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭ ‬حولت‭ ‬روسيا‭ ‬إلى‭ ‬دولة‭ ‬فاشلة‭ ‬بحدود‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬السيطرة‭ ‬عليها‭ ‬وتشكيلات‭ ‬عسكرية‭ ‬خاصة‭ ‬وسكان‭ ‬هاربين‭ ‬وانحلال‭ ‬أخلاقي‭ ‬واحتمالية‭ ‬نشوب‭ ‬نزاعات‭ ‬أهلية‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬ارتفاع‭ ‬الثقة‭ ‬بين‭ ‬قادة‭ ‬الغرب‭ ‬في‭ ‬قدرة‭ ‬أوكرانيا‭ ‬على‭ ‬مقاومة‭ ‬إرهاب‭ ‬بوتين،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬ثمة‭ ‬قلقًا‭ ‬متزايدًا‭ ‬بشأن‭ ‬قدرة‭ ‬روسيا‭ ‬على‭ ‬النجاة‭ ‬من‭ ‬الحرب،‭ ‬فمن‭ ‬المحتمل‭ ‬أن‭ ‬تصبح‭ ‬روسيا‭ ‬دولة‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬السيطرة‭ ‬عليها‭ ‬وتجرفها‭ ‬أمواج‭ ‬الفوضى‭.‬


فلنتأمل‭ ‬حدودها؛‭ ‬إن‭ ‬ضم‭ ‬روسيا‭ ‬السخيف‭ ‬وغير‭ ‬القانوني‭ ‬لأربع‭ ‬مناطق‭ ‬أوكرانية‭ - ‬خيرسون‭ ‬ودونيتسك‭ ‬ولوهانسك‭ ‬وزابوريزهيا‭ - ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تتمكن‭ ‬حتى‭ ‬من‭ ‬فرض‭ ‬سيطرتها‭ ‬الكاملة‭ ‬عليها،‭ ‬يجعلها‭ ‬دولة‭ ‬تحوي‭ ‬أراضي‭ ‬وحدود‭ ‬غير‭ ‬شرعية‭. ‬وتقول‭ ‬أستاذة‭ ‬العلوم‭ ‬السياسية،‭ ‬إيكاترينا‭ ‬شولمان‭: ‬‮«‬الاتحاد‭ ‬الروسي‭ ‬كما‭ ‬نعرفه‭ ‬يقوم‭ ‬بالتصفية‭ ‬الذاتية‭ ‬ويتخطى‭ ‬مرحلة‭ ‬الدولة‭ ‬الفاشلة‮»‬‭. ‬وتشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬إدارته‭ ‬غير‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬الاضطلاع‭ ‬بمهامها‭ ‬الأساسية‭.‬‭ ‬ولن‭ ‬يردع‭ ‬ذلك‭ ‬الضم‭ ‬القوات‭ ‬الأوكرانية،‭ ‬بل‭ ‬سيخلق‭ ‬مناطق‭ ‬جديدة‭ ‬مضطربة‭ ‬في‭ ‬روسيا،‭ ‬وقد‭ ‬تسلك‭ ‬دربها‭ ‬جمهوريات‭ ‬شمال‭ ‬القوقاز،‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬المحتمل‭ ‬أن‭ ‬تفر‭ ‬مسرعة‭ ‬إذا‭ ‬بدأت‭ ‬الحكومة‭ ‬المركزية‭ ‬من‭ ‬تخفيف‭ ‬إجراءاتها‭.‬


ومن‭ ‬سمات‭ ‬الدولة‭ ‬الفاشلة‭ ‬أيضًا‭ ‬فقدان‭ ‬استخدام‭ ‬القوة‭ ‬الحقيقية‭ ‬ونشر‭ ‬الجيوش‭ ‬والمرتزقة،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬حظرهم‭ ‬رسميًا‭ ‬في‭ ‬روسيا،‭ ‬وأصبح‭ ‬إيفجيني‭ ‬برغوين‭ ‬المُدان‭ ‬السابق‭ ‬الملقب‭ ‬بـ‭ ‬‮«‬طاه‭ ‬بوتين‮»‬‭ ‬والرجل‭ ‬الأول‭ ‬في‭ ‬مجموعة‭ ‬فاغنر‭ ‬وهي‭ ‬منظمة‭ ‬مرتزقة‭ ‬خاصة،‭ ‬يجند‭ ‬السجناء‭ ‬علنًا‭ ‬ويعفو‭ ‬عنهم‭ ‬مقابل‭ ‬الانضمام‭ ‬إلى‭ ‬قواته‭. ‬كما‭ ‬يقول‭ ‬فاجنر‭ ‬أنه‭ ‬ليست‭ ‬لديه‭ ‬رغبة‭ ‬في‭ ‬‮«‬تقنين‮»‬‭ ‬أو‭ ‬الاندماج‭ ‬في‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة،‭ ‬وذلك‭ ‬ينطبق‭ ‬أيضًا‭ ‬على‭ ‬القوة‭ ‬التي‭ ‬يسيطر‭ ‬عليها‭ ‬أمير‭ ‬حرب‭ ‬شيشاني‭ ‬سابق‭ ‬ورئيس‭ ‬الشيشان‭ ‬الحالي،‭ ‬رمضان‭ ‬قديروف،‭ ‬وحتى‭ ‬وكالات‭ ‬الأمن‭ ‬الحكومية‭ ‬الروسية‭ ‬تخدم‭ ‬بشكل‭ ‬متزايد‭ ‬مصالح‭ ‬الشركات‭ ‬الخاصة‭ ‬بها‭.‬


روسيا‭ ‬تفشل‭ ‬في‭ ‬وظيفتها‭ ‬الأساسية،‭ ‬فهي‭ ‬لم‭ ‬تكتفي‭ ‬بعدم‭ ‬توفير‭ ‬الحماية‭ ‬لشعبها،‭ ‬بل‭ ‬أصبحت‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬تشكل‭ ‬أكبر‭ ‬تهديد‭ ‬لهم‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬استنزافهم‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬ففي‭ ‬الحادي‭ ‬والعشرين‭ ‬من‭ ‬سبتمبر،‭ ‬مواجهة‭ ‬للهزيمة‭ ‬العسكرية‭ ‬في‭ ‬ساحة‭ ‬المعركة‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬أمر‭ ‬بوتين‭ ‬بتعبئة‭ ‬نحو‭ ‬300‭ ‬ألف‭ ‬شخص‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬تدريبهم‭ ‬وتجهيزهم‭ ‬جيدًا،‭ ‬حيث‭ ‬كانت‭ ‬وظيفتهم‭ ‬الوحيدة‭ ‬هي‭ ‬منع‭ ‬تقدم‭ ‬القوات‭ ‬الأوكرانية،‭ ‬ولذلك‭ ‬فمن‭ ‬غير‭ ‬المحتمل‭ ‬أن‭ ‬يبقى‭ ‬الكثيرون‭ ‬على‭ ‬قيد‭ ‬الحياة‭ ‬في‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬الوقت‭ ‬من‭ ‬العام‭ ‬المقبل‭.‬


أحدث‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬صدمة‭ ‬في‭ ‬روسيا‭ ‬أكبر‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬صدمة‭ ‬بداية‭ ‬الحرب‭ ‬نفسها،‭ ‬وبعض‭ ‬آثارها‭ ‬واضحة‭ ‬للعيان‭: ‬أُضرمت‭ ‬النيران‭ ‬في‭ ‬مراكز‭ ‬التجنيد،‭ ‬وفر‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬عن‭ ‬300‭ ‬ألف‭ ‬شخص‭ ‬إلى‭ ‬الخارج‭ (‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬300‭ ‬ألف‭ ‬غادروا‭ ‬في‭ ‬الأسابيع‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬الحرب‭)‬،‭ ‬ومعظمهم‭ ‬من‭ ‬الشباب‭ ‬المتعلم‭ ‬والماهر،‭ ‬ولم‭ ‬يظهر‭ ‬بعد‭ ‬التأثير‭ ‬الكامل‭ ‬لرحيلهم‭ ‬على‭ ‬اقتصاد‭ ‬البلد‭ ‬والتركيبة‭ ‬السكانية،‭ ‬ولكن‭ ‬التوتر‭ ‬الاجتماعي‭ ‬يتصاعد‭.‬


بينما‭ ‬يفر‭ ‬سكان‭ ‬المدن،‭ ‬يُعتقل‭ ‬عشرات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬المواطنين‭ ‬الفقراء‭ ‬ويُرسلوا‭ ‬إلى‭ ‬الخنادق،‭ ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬محاولة‭ ‬بوتين‭ ‬تطبيق‭ ‬‮«‬عملياته‭ ‬العسكرية‭ ‬الخاصة‮»‬‭ ‬في‭ ‬روسيا،‭ ‬يكسر‭ ‬بذلك‭ ‬الإجماع‭ ‬الهش‭ ‬الذي‭ ‬وافق‭ ‬الناس‭ ‬بموجبه‭ ‬على‭ ‬عدم‭ ‬الاحتجاج‭ ‬على‭ ‬الحرب‭ ‬مقابل‭ ‬تركهم‭ ‬وشأنهم،‭ ‬فهو‭ ‬الآن‭ ‬يطلب‭ ‬منهم‭ ‬القتال‭ ‬والموت‭ ‬فداءً‭ ‬لنظامه‭.‬


لا‭ ‬يمكن‭ ‬لبوتين‭ ‬أن‭ ‬يكسب‭ ‬الحرب،‭ ‬ولكنه‭ ‬لا‭ ‬يستطيع‭ ‬أيضًا‭ ‬إنهاءها،‭ ‬ويأمل‭ ‬أنه‭ ‬سيتمكن‭- ‬من‭ ‬خلال‭ ‬جعل‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬يتواطأون‭ ‬في‭ ‬حربه،‭ ‬وتعريضهم‭ ‬للمزيد‭ ‬من‭ ‬دعايته‭ ‬الفاشية‭ ‬السامة،‭ - ‬من‭ ‬إطالة‭ ‬أمد‭ ‬الحرب‭. ‬وسواء‭ ‬نجحت‭ ‬خطته‭ ‬أم‭ ‬باءت‭ ‬بالفشل،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬استياء‭ ‬النخبة،‭ ‬فسيؤدي‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬سقوطه،‭ ‬وسيٌحدد‭ ‬عدد‭ ‬الأشخاص‭ ‬الذين‭ ‬سيموتون‭ ‬ومتى‭ ‬ستسقط‭ ‬روسيا‭.‬


وكما‭ ‬قال‭ ‬زعيم‭ ‬المعارضة‭ ‬الروسية‭ ‬المسجون‭ ‬أليكسي‭ ‬نافالني،‭ ‬أثناء‭ ‬إحدى‭ ‬جلسات‭ ‬محاكمته‭: ‬‮«‬لم‭ ‬نتمكن‭ ‬من‭ ‬منع‭ ‬الكارثة‭ ‬فنحن‭ ‬لم‭ ‬نعد‭ ‬ننزلق،‭ ‬بل‭ ‬نطير‭ ‬نحوها،‭ ‬والسؤال‭ ‬أي‭ ‬إلى‭ ‬مدى‭ ‬ستعاني‭ ‬روسيا‭ ‬ومتى‭ ‬ستنهار‮»‬،‭ ‬وسيجيب‭ ‬العام‭ ‬المقبل‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬السؤال‭ ‬الكئيب‭.‬


إلا‭ ‬أن‭ ‬ثمة‭ ‬قلقًا‭ ‬متزايدًا‭ ‬بشأن‭ ‬قدرة‭ ‬روسيا‭ ‬على‭ ‬النجاة‭ ‬من‭ ‬الحرب