ثمن السلام
Feb 01, 2023
ثمن السلام
ستقضي تداعيات الحرب في أوكرانيا على الدبلوماسية الأوروبية
كتب بواسطة
كريستوفر لوكوود، محرر أوروبا، الإيكونوميست
كتب بواسطة
كريستوفر لوكوود، محرر أوروبا، الإيكونوميست
Feb 01, 2023
إذا كان عام 2022 هو العام الذي وحدت فيه الحكومات الأوروبية صفوفها بطريقة ملحوظة وغير متوقعة إلى حد ما، لمواجهة عدوان فلاديمير بوتين في أوكرانيا، فإن عام 2023 هو العام الذي ستختبر فيه مدى قوة هذه الوحدة، وسيعتمد إجابة هذا الاختبار على كيفية سير الحرب.
وفي أحد السيناريوهات المحتملة المحبطة، ستستمر هذه الوحدة حتى عام 2023، وحينذاك ستُجبر روسيا على التقهقر تدريجياً، ولكن لن تستطيع أوكرانيا استعادة جميع أراضيها المفقودة، ومن المتوقع في هذه الحالة أن تبدأ الأصوات داخل أوروبا في ممارسة نوع من الضغط البسيط على أوكرانيا للموافقة على السلام التفاوضي.
سيقع البعض فريسة لفكرة استئناف مبيعات الغاز وخفض تكلفة دعم الطاقة، وسيخشى آخرون الانتخابات الرئاسية الأمريكية في عام 2024 واحتمال تقليص دعمها العسكري والاقتصادي لأوكرانيا، مما سيحمل أوروبا ذلك العبء، والبعض -ربما مثل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون- الذي يؤكد أن روسيا ستكون دائمًا في الجوار، لذلك يجب إعادة التواصل معها، وسيقولون إن أوروبا لا يمكنها تحمل هذه الحرب المستمرة على أعتابها، وعلى الرغم من أنه من غير المتوقع أن تسود هذه الأصوات، إلا أنها لديها القدرة على إحداث توتر داخل أوروبا، خاصة إذا شعر قادة دول خط المواجهة مثل بولندا أو ليتوانيا بالخوف من عدم اليقين لدي الآخرين، مثل السيد ماكرون أو أولاف شولز الألماني بفكرة أن السيد بوتين يجب أن يُنظر إليه على أنه مهزوم.
وستكون إيطاليا طرف أساسي في هذا النقاش وحاليًا تدعم رئيسة الوزراء الجديدة جيورجيا ميلوني حلف شمال الأطلسي وأوكرانيا على الرغم من أنها تواجه ركودًا اقتصاديًا، فهي مثقلة بديون تبلغ 2.5 تريليون يورو (2.4 تريليون دولار) أي أكثر من 150 في المائة من ناتجها المحلي الإجمالي. وعلى الرغم من امتلاك إيطاليا لقطاع تصنيع كبير، إلا أنها تواجه أزمة ارتفاع أسعار الطاقة، وعلى عكس ألمانيا التي تستطيع بكل سهولة حشد الأموال لدعم شركاتها ومساعدتها خلال الأزمة، ستكافح إيطاليا لحمايتهم. لذلك قد تغير إيطاليا وجهة نظرها، وتبدأ في تمجيد فضائل التفاوض، وبالفعل بدأ شريك ميلوني في الائتلاف ماتيو سالفيني القيام بذلك.
حتى لو لم يحدث ذلك، فيبدو أن الخلاف المتصاعد حول الطاقة سيكون أكبر مصدر للتوتر داخل أوروبا في العام المقبل، حيث تنزلق المزيد من البلدان في فوهة الركود، وبالتالي الدول الغنية فقط هي التي ستستمر في تقديم الدعم، ومن المتوقع زيادة نشر فكرة إنشاء صندوق طاقة لعموم أوروبا، بما يتماشى مع تمويل كوفيد 750 مليار يورو الذي مُرر في عام 2020، ومن المحتمل ألا يُستجاب إلى هذه الفكرة (عارضت الدول الشمالية المتصلبة الفكرة بشدة)، مما سيخلف في حد ذاته قدرًا كبيرًا من المرارة.
ماذا لو انتهى النزاع؟ لا يمكن أن يحدث ذلك في ساحة المعركة، ولكن قد يحدث نتيجة لتغيير القائد أو تغيير الآراء في الكرملين، حيث أصبح من الواضح من أي وقت مضى أن تكلفة الدماء والكنوز في حرب السيد بوتين تفوق بكثير أي فائدة محتملة، وهذا من شأنه أن يهيئ المشهد لنوع آخر من التوتر الأوروبي: حول من سيدفع لإعادة إعمار أوكرانيا، وكم سينفق مقابل ذلك.
ستقول أمريكا بكل صدق إنها دفعت نصيب الأسد من تكلفة تسليح أوكرانيا (ودعم اقتصادها خلال الأشهر التي كادت أن تنهار فيها)، والآن جاء دور أوروبا، على الرغم من أن المنظمات متعددة الأطراف مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ستؤدي مهمتها أيضًا، مما سيؤدي إلى إثارة الجدالات الدولية، فعملية إعادة إعمار أوكرانيا سوف تلتهم الأموال التي تحتاجها البلدان الفقيرة في العالم النامي. وستكون الجدالات داخل المنظمات متعددة الأطراف حادة، وستتطاير الاتهامات بالتحيز للعالم المتقدم، فلا مفر من مواجهة أوروبا لعواقب الحرب لسنوات عديدة قادمة.
