
لم لا يمكننا تجاهل الحوسبة الكمومية؟
Feb 01, 2023
لم لا يمكننا تجاهل الحوسبة الكمومية؟
يقول المدير التنفيذي لشركة «ساند بوكس إي كيو» جاك هيدراي: قد آنالأوان للتصدي للمخاطر الأمنية التي ستشكلها الحواسيب الكمومية عند استخدامها
كتب بواسطة
جاك هيدراي
كتب بواسطة
جاك هيدراي
Feb 01, 2023
ستؤثر تقنيات الكم التي تستفيد من الغموض الغريب الذي يسيطر على العالم دون الذري تأثيرًا عميقًا في مجتمعنا ابتداءً من الطب وعلوم المادة وصولًا إلى الأعمال المصرفية والطاقة النظيفة، وستجلب هذه التقنيات التي تشمل الاتصالات والحوسبة والاستشعار الكمومي والمحاكاة العديد من الفوائد بل أيضًا سيحدثون تحولًا جذريًا ضروريًا في بنية الأمن السيبراني العالمية، وستقطع هذه العملية شوطًا كبيرًا خلال عام 2023.
لا تزال الحواسيب الكمومية قيد التطوير، ولكن حين تصبح أكثر قوة وموثوقية فإنها ستشكل تهديدًا لكيفية نقل البيانات السرية وتخزينها بما في ذلك المعاملات المصرفية والمعلومات الحكومية الحساسة والملكية الفكرية، ويرجع ذلك لكونها قادرة - عكس الحواسيب الحالية- على فك أنظمة التشفير التي توفر اتصالاً وتخزينًا آمنًا للبيانات، وتدعم كذلك الاقتصاد العالمي.
يعلم المجرمون والخصوم الآخرون أن هذا سيتحقق ذات يوم، وهم لا ينتظرون الحصول على بيانات حساسة بل ينفذون بالفعل هجمات «خزن الآن وفك التشفير لاحقًا» - لسرقة البيانات من أجل فك التشفير المستقبلي باستخدام الحواسيب الكمومية، ووفقًا لوزارة الأمن الداخلي الأمريكية يمكن أن يكون فك تشفير هذه البيانات ممكنًا في أقرب وقت بحلول عام 2030، وإن تحقق ذلك فستصل أقصر فترة سرية لأي بيانات مشفرة حصل عليها الخصوم ثماني سنوات.
وتستهدف الجماعات الإجرامية الملكية الفكرية وأنواع أخرى من البيانات التي ستحافظ على قيمتها لسنوات من الآن حين تفك تشفيرها، وهذا يعني أنه مع زيادة حجم إنتاج الحواسيب الكمومية، سيكون هناك «عمليات فك تشفير تحت الماء» لمجموعات البيانات القيّمة التي ستظهر بشكل غير متوقع مثل الغواصات في الماء.
هذه ليست مشكلة الغد، فتُشن الآن هجمات «خزن الآن وفك التشفير لاحقًا»، فلا سبيل لحماية البيانات المشفرة بمجرد سرقتها، فعلى سبيل المثال قد تخسر شركة الطيران مليارات من الإيرادات المستقبلية إذا سُرقت تصاميمها الخاصة، ويمكن أن تتعرض العمليات العسكرية والاستخباراتية الحكومية للخطر إذا حصل الخصوم على مخططات العمليات العسكرية، (وتشارك العديد من البلدان بفعالية في بناء أجهزة الحوسبة الكمية لغرض وحيد ألا وهو السيطرة على تشفير المفتاح العام وتأمين أنظمتها وبياناتها المهمة).
ونتيجة لذلك طور الباحثون في السنوات الأخيرة نظم تشفير مقاومة للكم وهي أشكال جديدة من التشفير لن تتمكن حتى الحواسيب الكمومية المستقبلية من اختراقها، والمعروفة باسم تشفير «ما بعد الكم «، وفي يوليو 2022 أعلن المعهد الوطني الأمريكي للمعايير والتقنية عن نتائج عملية متعددة الجنسيات مدتها ست سنوات لوضع معايير تشفير ما بعد الكم الجديدة، وشارك خبراء من أكثر من 25 دولة في تطوير هذه الخوارزميات والتحقق من صحتها، كما أنشأ المعهد مركز التميز الوطني للأمن السيبراني الذي يتألف من 12 شركة رائدة من جميع أنحاء العالم لوضع استراتيجيات ونماذج ترحيل تشفير ما بعد الكم لإيجاد مقترحات للأجهزة والبرامج المستقبلية.
وأصبح لدى الحكومات والشركات ومقدمي التكنولوجيا أخيرًا الوضوح واليقين الذي يحتاجون إليه لبدء الانتقال إلى التشفير ما بعد الكم، فسيكون العامان المقبلان حاسمين مع بدء الحكومات والشركات هذه العملية.
إن تحديد جميع الأجهزة والأنظمة التي تحتاج إلى الترقية والعمل على أي من خوارزميات المعهد الوطني للمعايير والتقنية المتعددة التي يجب نشرها في كل حالة وجعل الأنظمة «مرنة للتشفير» (أي يمكن ترقيتها بسهولة في المستقبل) مهمة شاقة ستتطلب عدة سنوات؛ إذ يحتاج أكثر من 20 مليار جهاز على مستوى العالم إلى ترقيات برامج «تشفير ما بعد الكم»، من بينهم هواتف المحمول والحواسيب المحمولة وأسطح المكتب وخوادم ومواقع ويب وتطبيقات الهواتف، بالإضافة إلى أنظمة إضافية مدمجة في السيارات والسفن والطائرات والبنية التحتية التشغيلية.
ولهذا السبب سيكون عام 2023 مرحلة فاصلة في مجال الأمن السيبراني والنظام البيئي الناشئ لتكنولوجيا الكم، إذ ستبدأ فيه الكيانات العامة والخاصة عملية الترحيل، بدافع الحاجة إلى الحماية من الأخطار والتهديدات المباشرة والمستجدة.
لمخاطر الأمن السيبراني جانب مضيء: فهي ستذكي الوعي وتدفع تبني التقنيات الكمية في مجالات أخرى، وستستكشف الشركات الاستشرافية في مجالات الخدمات المالية، والرعاية الصحية، والأدوية، والاتصالات، والنقل، والدفاع، وغيرها من الصناعات إمكانات الحوسبة الكمومية لتسريع عملية البحث والتطوير وتعزيز عروضها وتقديم ابتكارات جديدة إلى السوق في عام 2023 وما بعده.