
الفطر «السحري»
Feb 01, 2023
الفطر «السحري»
انتشار الأدوية المخدرة والوعي العام بها
كتب بواسطة
ناتاشا لودر محررة، السياسة الصحية، الإيكونوميست
كتب بواسطة
ناتاشا لودر محررة، السياسة الصحية، الإيكونوميست
Feb 01, 2023
سيشهد العام المقبل عددًا من الأحداث المهمة في ظل عصر ظهور الأدوية المخدرة، فسيدخل عقار إكستاسي (مخدر النشوة) وهو أحد المؤثرات العقلية المرحلة الثانية من اختبار المرحلة الثالثة لعلاج اضطراب ما بعد الصدمة ( اضطراب الكرب التالي للرضح)، وإذا طابقت هذه التجربة نتائج التجربة الأولى لعام 2021، ستنظر إدارة الغذاء والدواء الأمريكية في عام 2023 في اعتماد هذا العقار. وأثبتت برامج المساعدات المتعددة (MAPs) وهي منظمة غير حكومية تعنى بالتعليم والصحة والإغاثة الإنسانية أن تناول ثلاث جرعات من عقار النشوة ضمن دورة علاج على مدار 18 أسبوعًا، يمكن أن يقلل من أعراض اضطراب ما بعد الصدمة إلى حد كبير.
المدة التي ستستغرقها إدارة الغذاء والدواء للنظر في العقار أو في اعتماده ليست محددة، ولكن سيجري التعجيل في اتخاذ القرار نظرًا لشح العقاقير المتاحة لعلاج اضطراب ما بعد الصدمة، ويقول بيرا يازار كلوسينسكي كبير العلماء في الإدارة إن الموافقة على علاج اضطراب ما بعد الصدمة من شأنه أيضًا أن يدفع برامج المساعدات المتعددة لتوسيع نطاق البحث لتأييد استعمال العقار لعلاج اضطرابات أخرى مثل اضطرابات الأكل والقلق.
إكستاسي ليس عقارًا مخدرًا بالمعنى الحرفي للكلم بل أنه ذو تأثير عقلي، إذ يسبب إحساسًا بالانفتاح العاطفي والتعاطف، ويشترك كل من الإكستاسي والكيتامين والعقاقير المخدرة التقليدية الأخرى مثل سيلوسيبين وعقار الهلوسة «إل إس دي» في شيء واحد ألا وهو أنها تسبب تغيرات سريعة التأثير في وظائف المخ، إذ تطلق مستقبلات مثل تلك الخاصة بالسيروتونين، وبعد ذلك تتسبب في حدوث سلسلة من الإشارات الضرورية لنمو الخلايا العصبية، وربما ليس من الضروري التسبب في الهلوسة لخلق نوع من اللدونة العصبية التي يُعتقد أنها مهمة في علاج اضطرابات الدماغ، وتنص إحدى النظريات على أن العديد من الحالات النفسية والعصبية ناتجة عن «الضمور القشري» وهو فقدان الاتصال بين وصلات الخلايا العصبية في قشرة الفص الجبهي، ويبدو أن هذه المنشطات تسمح بتقوية هذه الروابط وإعادة اتصالها.
وفي السنوات الأخير ازداد عدد العيادات التي تقدم الكيتامين من خلال حقن وريدية في جميع أنحاء العالم لعلاج الاكتئاب المقاوم للعلاج وسيستمر ذلك التوسع، فهناك أكثر من 100 عيادة في جميع أنحاء أمريكا وأخرى في أوروبا تقدم هذا العقار، وهم على أتم استعداد لتقديم عقار إكستاسي إن جرى اعتماده لعلاج مرضى اضطراب ما بعد الصدمة، كما تُختبر منشطات أخرى لعلاج حالات الإدمان واضطرابات الأكل، ويُعتقد أن الأدوية تجعل أدمغة المرضى أكثر تكيفًا وبالتالي تستجيب للعلاج النفسي الذي يُعطي عادةً قبل العلاج بالمخدرات وبعده.
وأيضًا يجري تحضير عقار سيلوسيبين لعلاج الاكتئاب المقاوم للعلاج، فتشير نتائج التجربة إلى تعافى مريض واحد من كل خمسة مرضى بعد 12 أسبوعًا من العلاج، ولكن ثمة عدد قليل من الاستجابات الدائمة، وتسلط بعض الآثار الجانبية الضوء على الطريق الصعب الذي سيخوضه أولئك الذين يحاولون الحصول على موافقات من واضعي القوانين العلاجية، وتشير صعوبة إجراء تجارب مضبوطة بالدواء الوهمي مع الأدوية المخدرة إلى تصاعد المخاوف بشأن ما إذا كانت النتائج الإيجابية التي وصلت إليها التجارب التي تخضع لضوابط صارمة ستُكرر أثناء التطبيق العملي.
وفي كلتا الحالتين ستُستخدم هذه الأدوية في عام 2023، وسيُقنن في الأول من يناير الاستخدام العلاجي للبسيلوسيبين بترخيص في ولاية أوريغون، واعتبارًا من يناير القادم ستسمح مقاطعة ألبرتا الكندية أيضًا بالاستعمال المنظم للعقاقير المخدرة لأغراض العلاج، وسيطبق هذا القرار على عقاقير عدة مثل: «السيلوسيبين» و»الإكستاسي» و»إل سي دي» و»المسكالين» و»دي إم تي (مخدر الفيل الأزرق)» و»الكيتامين».
تتسارع الجهود التي تبذلها الدول بشكل أكبر من التجارب ومن جهود واضعي القوانين العلاجية لتسهيل استعمال المنشطات، وسيساعد التوفير المبكر لهذه المنشطات الكثيرين، ولكنه من المحتمل أيضًا أن يسبب بعض المخاطر، فقد أدت تجارب عقار «السيلوسيبين» لعلاج الاكتئاب المقاوم للعلاج إلى زيادة السلوكيات الانتحارية لدى بعض المرضى وأظهر الفحص الدقيق لهؤلاء المرضى أنهم لم يستجيبوا للعلاج، ويقول روبرت ماكشين أستاذ الطب النفسي بجامعة أكسفورد أنه يعالج مرضى الاكتئاب المقاوم للعلاج بجرعات «الكيتامين»، لكنه يؤكد على أهمية توقع جميع الاحتمالات حلوها ومرها، فالمرضى الذين لم يستجيبوا لأي علاج يمكن في بعض الأحيان على مدى عقود من الزمان أن «يرفعوا من سقف تطلعاتهم وعندما لا يجدي نفعًا سيشعرون بمزيد من اليأس».
ومن الأسباب الأخرى التي تثير قلقنا هي احتمال حدوث آثار جانبية مثل الإبحار في رحلة عقلية سيئة، والمخاوف بشأن التسمم القلبي الناتج عن تناول بعض المنشطات، ولا تهدف تجارب العقاقير إلى غربلة الأدوية غير الفعالة فحسب بل تزيد من فهم مخاطرها، وسيكون العام المقبل عامًا مثيرًا، لكنه سيشير إلى أهمية التحرك بحذر أيضًا.