العشرينيات المملة
Feb 01, 2023
العشرينيات المملة
خيبة الآمال في زيادة الإنتاجية بعد الجائحة
كتب بواسطة
كالوم ويليامز، كبير كتاب الاقتصاد، الإيكونوميست
كتب بواسطة
كالوم ويليامز، كبير كتاب الاقتصاد، الإيكونوميست
Feb 01, 2023
في عام 2020-2021 أثار ابتكار اللقاحات ضد كوفيد -19 واعتمادها وتوزيعها موجة من التفاؤل بشأن المستقبل؛ فإذا استطاع البشر في غضون أشهر تطوير هذه اللقاحات للقضاء على الجائحة العالمية، فهم بإمكانهم فعل ما هو أصعب من ذلك، فكان يحدو العديد من الاقتصاديين الأمل في أن العالم كان على أعتاب «العشرينيات الهادرة»، وأنه بعد فترة وجيزة ستتوفر لقاحات لمعالجة السرطان والسيارات ذاتية القيادة ونظارات الواقع الافتراضي للجميع، كما أضاف آخرون أن الاتجاه نحو العمل من المنزل سيزيد الإنتاجية نتيجة الاستغناء عن التنقلات.
لكن الواقع منذ ذلك الحين لم يرق إلى مستوى هذه الآمال العريضة، فتسارعت وتيرة الإنتاجية التي تقيس مقدار ما ينتجه الأفراد في العمل، في عامي 2020 و2021؛ ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى أن الأشخاص ذوي المهارات المنخفضة تركوا وظائفهم مما أدى إلى زيادة الحد المتوسط، ومنذ ذلك الحين هبط نمو الإنتاجية إلى أدنى مستوياته، وتشير أحدث البيانات إلى انخفاض الإنتاجية الآن أيضًا (انظر الرسم البياني)، وللأسف لا يتوفر سوى القليل من الدلائل على أن عام 2023 سيكون مختلفًا، وهذا الأمر في غاية الأهمية فزيادة الإنتاجية هي السبب الجذري لارتفاع إجمالي الناتج المحلي وصافي الأجور.
ويرجع انخفاض نمو الإنتاجية لعدة أسباب، فقد يكون التحول نحو العمل من المنزل أقل فائدة مما بدا في البداية، ومن المؤكد أن يكون الأشخاص في المنزل أكثر قدرة على التركيز على «العمل الدؤوب» مما قد يفعلونه في المكتب الصاخب، لكن خسائر الإنتاجية الناتجة عن الافتقار إلى المحادثات الجانبية قد تتراكم ببطء، فسيقل التواصل داخل المنظمات ولا سيما بين الإدارات المختلفة.
بالإضافة إلى ذلك لا يزال يتعين على العديد من الشركات مواجهة تداعيات الجائحة، فلا يزال ملايين الأشخاص يصابون بالفيروس كل أسبوع مما يجبرهم على البقاء في المنزل، وقد لا يرى بعض العمال الذين يدركون النقص الحاد في العمالة الذي يعاني منه العديد من الصناعات أي جدوى من بذل الكثير من الجهد، مع العلم أنه من غير المرجح فصلهم من العمل، وتكاثرت التكهنات حول ما إذا كان «الإقلاع الهادئ»، ويطلق على طريقة جديدة لتخفيف أعباء العمل مع عدم اضطرار الموظف إلى الاستقالة، وهو ما سبب بعض المشكلات لرؤساء العمل.
ولا توجد أي مؤشرات على حدوث زيادة طفيفة في معدلات الابتكار، فلم تتزحزح إيداعات براءات الاختراع العالمية التي تمثل مقياس للابتكار إلا بالكاد في عام 2021. وارتفع الاستثمار ولكن ليس بالضرورة في الأشياء التي تعمل على تحسين حياة الناس، ووفرت بعض الشركات سعة تصنيع وتخزين إضافية خشية تكرار ظاهرة الأرفف الفارغة لعام 2021 - وهي تدابير تقلل فعليًا من الإنتاجية من خلال زيادة التكاليف، وخزن آخرون المواد الخام والسلع نصف المصنعة والمصنعة من أجل حماية أنفسهم من أزمات سلاسل التوريد، وهذا مهم للاستثمار في الإحصائيات، لكنه لا يفيد الإنتاجية.
يأمل بعض رجال الاقتصاد في أن يتحقق النمو في الإنتاجية الذي طال انتظاره، ولكن قد يكون هذا إفراطًا في التفاؤل، فالانتشار المستمر لفيروس كوفيد يعني أن حالات غياب العمال من المرجح أن تكون أعلى دومًا مما كانت عليه قبل عام 2020، وتشير أحدث البيانات إلى أن الإنفاق الرأسمالي العالمي موجود على أرض الواقع، وارتفاع أسعار الفائدة سيجعل الشركات تعيد التفكير في خطط الاستثمار الكبيرة.
والأهم من ذلك هو عدم تغير الظروف الهيكلية التي أدت إلى ضعف نمو الإنتاجية قبل انتشار الجائحة، إذ يستمر السكان في التقدم في السن، ويفتقر كبار السن- بشكل عام- للأفكار، وتعرقل البيروقراطية العديد من الأنشطة التي تعزز الإنتاجية من بناء العقارات التجارية والسكنية وحتى الموافقة على الاختراعات أو تعزيز الهجرة، وإن تعلق الأمر بالنمو الاقتصادي، فسيكون عام 2023 مملًا أكثر من كونه صاخبًا.
