استمرار حروب التكنولوجيا
Feb 01, 2023
استمرار حروب التكنولوجيا
التنافس الجيوسياسي وإعادة تشكيل صناعة التكنولوجيا العالمية
كتب بواسطة
دون وينلاند، محرر الأعمال الصينية والمالية، الإيكونوميست، شانجهاي
كتب بواسطة
دون وينلاند، محرر الأعمال الصينية والمالية، الإيكونوميست، شانجهاي
Feb 01, 2023
بدأت الحرب التكنولوجية بين الصين والولايات المتحدة، ففي 7 أكتوبر الماضي شنت الحكومة الأمريكية هجومًا خطيراً من خلال تنفيذ تدابيرها الأخيرة، ونجحت في عزل منافسها عن العديد من العناصر الحاسمة اللازمة لتشغيل تطورات الذكاء الاصطناعي، فلم يعد بوسع الشركات الأمريكية أن تصدر أحدث الرقائق التكنولوجية أو البرمجيات والمعدات اللازمة لتصميمها وإنتاجها إلى الصين.
تخطط إدارة جو بايدن لزيادة القيود على الاستثمار الأمريكي في شركات التكنولوجيا الصينية، وخلال عام 2023 قد تمنع أيضًا شركات مثل تيك توك (TikTok)، وهي منصة شهيرة لمقاطع الفيديو القصيرة تديرها مجموعة صينية، من جمع البيانات الشخصية للمستخدمين الأمريكيين.
يعكف السياسيون في واشنطن على وضع قائمة طويلة من العقوبات التي سيفرضوها على الشركات الصينية، وبدأت هذه العملية أثناء فترة حكم دونالد ترامب، ودمر السيد ترامب شركة زي تي إي (ZTE) الشركة الصينية المتخصصة في صناعة معدات الاتصالات من خلال منعها مؤقتًا من شراء الشرائح الأمريكية. ومنذ عام 2019، تكافح شركة «هواوي» نظيرة ZTE العملاقة للحفاظ على تشغيل بعض أنشطتها دون استخدام المكونات أمريكية الصنع.
وبدلًا من إعادة ضبط القيود المفروضة على قطاع التكنولوجيا في الصين أو تقليصها، فرض السيد بايدن المزيد منها، فيبقى السؤال: ما نهاية هذه القيود المفروضة على استثمارات التكنولوجيا الصينية؟ لقد وُضعت بالفعل قائمة تضم عشرات الشركات؛ معظمها تابعة للحكومة، والأساس المنطقي وراء فرض هذه القيود يتلخص في منع الدولارات الأمريكية من التدفق إلى شركات التكنولوجيا الفائقة التي يمكن أن تستخدم القوات المسلحة الصينية منتجاتها (أو ما يسمى بالتكنولوجيات «ذات الاستخدام المزدوج»)، ويرى المحللون أن هذه القائمة ستتوسع لتشمل نطاقًا أوسع بكثير من الشركات الخاصة، مثل التي تعمل في مجال التعرف على الوجوه والأشكال الأخرى من الذكاء الاصطناعي.
وستعجل التدابير الجديدة في أمريكا من الفصل التدريجي بين أضخم اقتصادين في العالم، وبالإضافة إلى فرض قيود إضافية، ستبدأ الولايات المتحدة في أخذ التنفيذ على محمل الجد؛ لأن جهودها الرامية إلى إحباط طموحات الصين التكنولوجية لم تحقق دومًا النتيجة المرجوة، فعلى سبيل المثال خَلُص تحقيق أجرته صحيفة وال ستريت جورنال (Wall Street Journal) إلى أن العديد من منتجات التكنولوجيا الفائقة التي يفترض أن الشركات الأمريكية ممنوعة من بيعها للشركات الصينية لا تزال تشق طريقها عبر منطقة المحيط الهادئ. وتشكل الحاجة إلى تبني موقف أكثر صرامة في التعامل مع الصين إحدى النقاط التي اتفق عليها الحزبين الجمهوري والديمقراطي في واشنطن، وإن استمرت التوترات بشأن تايوان في الارتفاع، ستزداد القيود المفروضة على التكنولوجيا تشددًا.
ومن جانبها، تستمر الصين في دفع صناعة التكنولوجيا ولكن تقلل التركيز على خدمات الإنترنت الاستهلاكية، مثل التسوق أو توصيل المواد الغذائية، وزيادة التركيز على الإبداع المحلي في «التكنولوجيا العميقة»، مثل أشباه الموصلات والذكاء الاصطناعي، من أجل دفع الصين نحو هدفها المتمثل في الاكتفاء الذاتي التكنولوجي. وفي 6 سبتمبر، قال الرئيس الصيني شي جين بينج في اجتماع سياسي إن البلد يجب أن «يحشد موارد على الصعيد الوطني لتحقيق إنجازات تكنولوجية ضرورية»، ويتوقع المحللون في جيفريز (Jefferies) وهي شركة وساطة أن تستفيد العديد من شركات الذكاء الاصطناعي والبرمجيات الكبرى في الصين من إعانات الدعم الجديدة التي تقدمها الدولة وغيرها من أشكال الدعم لتشجيع البحث والتطوير في الأشهر المقبلة.
هل سينجح الأمر؟ يمر قطاع التكنولوجيا في الصين بما أشار إليه الرئيس شي على أنه الأيام الأولى من «ثورة صناعية جديدة» تقوم على الذكاء الاصطناعي والتصنيع الذكي؛ بيد أن تدخله الصارم في صناعة التكنولوجيا في بلاده يهدد بخنق الابتكار وريادة الأعمال، ويرى بعض المحللين أن تخصيص الدولة لموارد من أجل تعزيز الابتكار المحلي لم يكن فعالاً، ولكن كما هو الحال مع السياسات الأخرى التي ترتبط إرتباطًا وثيقًا بالرئيس شي، يبدو أن هناك إحتمالًا ضئيلاً لتغيير الصين لمسارها في عام 2023.
