
ارتفاع شعبية الهيدروجين
Feb 01, 2023
ارتفاع شعبية الهيدروجين
بين تحمس المستثمرين في الماضي وخيبة الأمل، يبقى السؤال: هل سيصبح مستقبل الهيدروجين مختلفاً؟
كتب بواسطة
فيجاي فايتيسوران، محرر ابتكارات الطاقة والمناخ العالمية، الإيكونوميست، نيويورك
كتب بواسطة
فيجاي فايتيسوران، محرر ابتكارات الطاقة والمناخ العالمية، الإيكونوميست، نيويورك
Feb 01, 2023
قد تساعد نفايات المشروبات الغازية في مدينة بريسبان في عام 2023 في التصدي لتغير المناخ، فبحلول نهاية السنة قد لا تعود المركبة التي تحمل هذه المشروبات السكرية تنبت غازات الاحتباس الحراري، وستختبر شركة بيبسي أستراليا أكبر فروع الشركة في العالم والموردة للمأكولات والمشروبات الخفيفة نوعاً جديداً من الشاحنات التي لا تعمل بمحرك ديزل ملوث بل بخلايا وقود وتلك الخلايا متمثلة في أجهزة تحول الهيدروجين إلى كهرباء تطلق فقط بخار الماء.
الشغوفون بقضايا المناخ يملأهم الحماس لأن مجموعة من الاتجاهات الجيوسياسية واتجاهات الطاقة اعادت تسليط الضوء على الهيدروجين، فهو وقود نظيف يمكن صنعه من مجموعة متنوعة من مصادر الطاقة الأولية. وقد سبق وشهد الهيدروجين ضجة زائفة، فقبل عقدين من الزمان أهدر منتجو السيارات الأوروبيون واليابانيون مليارات الدولارات في ملاحقة حلم السيارات التي تعمل بخلايا الوقود، ولكن الحكومات والمستثمرين يراهنون على أن هذه المرة ستكون مختلفة.
وأحد الأسباب وراء ذلك هو تزايد الاهتمام باستخدام الهيدروجين ليحل محل الوقود الأحفوري في الصناعات الثقيلة مثل صناعة الصلب، مما قد يساعد في الحد من الانبعاثات الكربونية ويعزز أمن الطاقة من خلال الحد من الاعتماد على الغاز الطبيعي الذي ارتفعت أسعاره في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا، وتروق لعلماء حماية البيئة فكرة أن الهيدروجين «الأخضر» يمكن تصنيعه باستخدام الطاقة المتجددة من خلال المحللات الكهربائية؛ وهي أجهزة تستخدم الكهرباء لفصل مكونات المياه إلى غازي الأكسجين والهيدروجين، مما أدى إلى توجه العالم نحو تصنيع هذه المحللات، وتم التقدم بنحو 600 مشروعًا؛ تقريبًا نصف هذه المشاريع تقدمت بها أوروبا. وعلى نفس المنوال، أبدت شركة بيج أويل (Big Oil) اهتمامها بالهيدروجين «الأزرق» الذي يمكن تصنيعه بطريقة نظيفة من الغاز الطبيعي عن طريق الوصول بتسرب الميثان إلى الحد الأدنى ثم حجز الانبعاثات الكربونية الناتجة عن ذلك وعزلها.
ومدى التحمس تجاه هذه الموجة الأخيرة للهيدروجين لابد أن يتضح في عام 2023، في حين أن الركود العالمي قد يؤدي إلى خفض التمويل اللازم لتكنولوجيات جديدة لأن الشركات تخفض الإنفاق على رأس المال، حيث أصبح المستثمرون أقل ميلاً للمجازفة، وقد تؤدي الاضطرابات في سلسلة العرض إلى إفساد الأمور، حيث أجبروا بالفعل شركة «إي تي إم باور» البريطانية الرائدة على التراجع عن خططها الرامية إلى زيادة إنتاج المحللات الكهربائية، ومع استجابة البلدان لصدمة الطاقة فقد تعطي الأولوية لتأمين الإمدادات من مصادر ملوثة مثل الفحم على التكنولوجيات الجديدة التي قد تساعد في التصدي لتغير المناخ.
إحدى العلامات التي تشير إلى رواج هذا الاتجاه هي عدد مشاريع المحللات الكهربائية، فيتوقع الرئيس التنفيذي لشركة «بيك باور» الأمريكية الرائدة في هذه الصناعة أندي مارش أن ترتفع مبيعات الكهرباء العالمية من صفر تقريبًا قبل بضع سنوات إلى 15 مليار دولار في عام 2023، ويرى بيرند هايد من شركة ماكينزي الاستشارية أن أول مشروع للهيدروجين الأخضر على مستوى الجيجا وات سيحقق تقدماً في العام القادم في حين ترى شركة بلومبرغنيف (bnef) للأبحاث أن شحنات الكهرباء ستزداد من 1 جيجا وات الآن إلى 2.4-3.8 جيجا وات في 2023، ومعظم هذه الزيادة في آسيا.
وفي أوروبا، الحماس بشأن الهيدروجين الأخضر يملأ الكثيرين، فيقول داريل ويلسون من مجلس الهيدروجين وهو هيئة صناعية: «كثير من المشاريع كانت قيد التنفيذ في أوروبا، لكنها ستبلغ مراحلها الأخيرة في عام 2023»، كما يتوقع أن تتلاشى حالة الشك التنظيمي التي أعاقت الكثير من هذه المشاريع، وأن تجري أوروبا أول مزاد عالمي لعرض الهيدروجين وطلبه، وأن تنشئ المفوضية الأوروبية مصرفًا أوروبيًا للهيدروجين في عام 2023.
وربما تصبح آسيا جديرة بالمتابعة أيضًا، حيث تشير توقعات شركة (bnef) بما أن الصين حاليًا أكبر مُصنع للمحللات الكهربائية فتتوقع الشركة أن يساعد التوسع في الإنتاج في خفض التكاليف بنسبة 30٪ بحلول عام 2025، كما كشفت الهند عن سياسات تهدف إلى تعزيز تصنيع الهيدروجين الأخضر مما دفع الشركات الأجنبية إلى محاولة تصنيع أجهزة المحلل الكهربائي وإنتاج الهيدروجين بها، وكذلك ترى جرينكو (Greenko) الهندية للصناعات المتجددة أن مشروعها المشترك مع عملاق صناعة المحللات الكهربائية شركة جون كوكريل (John Cockerill)البلجيكية سينتج الأمونيا الأقل تكلفة في العالم (وهو وقود مشتق من الهيدروجين) بحلول نهاية عام 2023، كما تخطط شركة هومي هيدروجين (homiHydrogen) الهندية الناشئة لإنتاج محللات كهربائية هندية الصنع بنسبة 98٪ في الوقت ذاته.
أما القوة الكبرى التي تدفع الهيدروجين إلى الأمام في عام 2023 هي الموجة العارمة من الأموال الحكومية في أمريكا، فيقدم قانون خفض التضخم -وهو في واقع الأمر قانون للتصدي لتغير المناخ- دعماً هائلاً يبلغ 3 دولار أمريكي/كجم لمشاريع الهيدروجين الأخضر، ويقول الخبراء إنه على عكس قواعد أوروبا، فالسياسة الهيدروجينية الأمريكية واضحة وفعالة بشكل كبير، والعديد من المشاريع التي تعمل بالهيدروجين الأخضر والتي لا تستطيع حاليًا منافسة الأشكال الأكثر تلويثًا من الهيدروجين (التي تبلغ تكلفتها عادة نحو 2 دولار أمريكي/كجم) ستكلف على غير المتوقع أقل من 1 دولار/كجم، وفي المناطق التي تتعرض لأشعة الشمس أو تعصف بها الرياح، قد يكون بعضها من دون تكلفة.
ويتوقع هايد أن تتفوق أمريكا على أوروبا في جذب مشاريع الهيدروجين، فقد يصل إجمالي الاستثمارات إلى 100 مليار دولار بحلول عام 2030، وأن سباق الهيدروجين العالمي يزداد إثارة، ويبدو أن 2023 سيكون عاماً حاسمًا، فتابعوه.