
من الرماد
Feb 01, 2023
من الرماد
استفادة عمالقة التكنولوجيا من الانهيار
كتب بواسطة
جي سكريفن، محرر التكنولوجيا في الولايات الأمريكية، الإيكونوميست، سان فرانسيسكو
كتب بواسطة
جي سكريفن، محرر التكنولوجيا في الولايات الأمريكية، الإيكونوميست، سان فرانسيسكو
Feb 01, 2023
كان عام 2021 عامًا صاخبًا بالنسبة لشركات التكنولوجيا، فقد أجبرت عمليات الإغلاق الوطنية مليارات الأشخاص على نقل الكثير من أعمالهم وألعابهم عبر الإنترنت، وكان الطلب مرتفعًا على كل شيء بدءًا من الحوسبة السحابية إلى أشباه الموصلات وأجهزة الكمبيوتر المحمولة، وأصبحت اسماء الشركات التي ساعدت في إضفاء الطابع الرقمي على حياتنا مثل شركة المؤتمرات عبر الفيديو زووم (Zoom) و بائعة دراجات التمارين الرياضية المتصلة بالإنترنت شركة بيلوتون (Peloton) من الاسماء المألوفة بين عائلاتنا، كما ارتفع مؤشر ناسداك المركب للتكنولوجيا الثقيلة بنسبة 21% خلال العام. وتطابقت الإثارة في الأسواق الخاصة، حيث استثمر أصحاب رأس المال المغامرون مبلغاً هائلًا يصل إلى 621 مليار دولار أمريكي في الشركات الناشئة، وهو ما يزيد على ضعف ما استثمروه في العام السابق.
في عام 2022 هدأت الأصوات، وأدى ارتفاع معدلات التضخم إلى انهيار قيمة الأرباح المستقبلية لشركات المضاربة، كما أجبر المستهلكين على ترشيد إنفاق أموالهم، وازدادت البلبلة بسبب نشوب الحرب في أوكرانيا وتدهور العلاقات الجيوسياسية بين الصين والغرب، كما انخفضت قيمة الشركات عالية النمو التي هوت أرباحها، وسارعت شركات التكنولوجيا إلى التكيف مع الواقع الجديد، فالعديد منهم سرح العمال أو أغلق المشاريع التجريبية بهدف خفض التكاليف، ويبقى السؤال: من سيحتل القمة في عام 2023؟
ولنتأمل ثلاث خصائص: المنطقة الجغرافية للشركة، وقطاعها وحجمها، حيث لم يفلت سوى عدد قليل من البلدان أو المناطق الكبيرة من المرحلة الأولى من الانهيار التكنولوجي. ومع إعادة تقييم المستثمرين لتدفقات النقدية في المستقبل، تراجعت قيمة شركات التكنولوجيا في شتى أنحاء العالم، ويتوقف مدى سوء الانكماش الاقتصادي على المبيعات في المستقبل، ومن المرجح أن يعاني هؤلاء الأكثر اعتماداً على المستهلكين الغربيين الذين أطاح بهم التضخم، وهذا يعني الشركات الأمريكية والأوروبية التي تميل إلى البيع في أسواقها المحلية.
كما ظهرت شركات كبرى أخرى، فمن بين أكبر عشر شركات تكنولوجيا غير غربية على مستوى القيمة السوقية، وتستمد ثماني شركات أكثر من 40٪ من إيراداتها من أمريكا أو أوروبا، أما الشركتين المتبقيتين هما شركات صينية مثل ميتا وان (Meituan) وهو تطبيق فائق للتوصيل، وتينسنت (Tencent) وهو عملاق وسائل التواصل الاجتماعي)، ورغم أن الشركات الصينية قادرة من الناحية النظرية على الاستفادة من أزمة التكنولوجيا، فإنها تواجه مشاكل خاصة بها داخليًا، فالهيئات التنظيمية في الصين تكبح جماح شركات التكنولوجيا العملاقة خشية أن تصبح أقوى مما ينبغي.
القطاعات أهم من المناطق؛ كانت شركات التكنولوجيا الموجهة للمستهلكين أول من شهد هبوطًا في المبيعات في عام 2022 ومن المرجح أن يستمر هذا، ومن المتوقع أيضًا أن تنخفض مبيعات أجهزة الحاسوب في عام 2023 (كما حدث في عام 2022)، كما سجلت شركة نتفلكس (Netflix) صديقة الجمهور أثناء الجائحة أول انخفاض في عدد المشتركين منذ عقد من الزمان في عام 2022، ويتوقع المحللون أن يعود النمو في عام 2023 حتى وإن كان بمعدل أقل بكثير من السنوات السابقة.
وكذلك تم الضغط على شركات التكنولوجيا التي تجني أرباحها عن طريق بيع الإعلانات مثل جوجل (Google) وميتا (Meta) مع تقلص ميزانيات التسويق، ولكن حتى إذا تعافى الإنفاق الإعلاني، فإن التغييرات التي أجرتها شركة أبل (Apple) على قواعد الخصوصية الخاصة بها، التي تجعل من الصعب أن نربط عمليات الشراء عبر الإنترنت بإعلانات الموجهه، ستستمر في التأثير على القطاع.
من المحتمل أن يتحسن أداء صناع برامج الأعمال مثل أدوبي Adobe وأوراكل Oracle وسيلزفورس Salesforce، ويميل عملاء المؤسسات إلى التوقيع على العقود طويلة الأجل التي لا تراعي متلطلبات المستهلكين المتغيرة. ويظهر نمو أذرع الحوسبة السحابية لدى شركات التكنولوجيا العملاقة، بما في ذلك أمازون وجوجل وميكروسوفت، علامات ضعيفة على التباطؤ مع انتقال البرمجيات والخدمات والبيانات عبر الإنترنت، مما يخلق نقاط ضعف جديدة وبالتالي المزيد من الأعمال بالنسبة لشركات الأمن السيبراني مثل (CrowdStrike) التي ستضخم ثرواتها أيضًا بفعل المخاوف من الهجمات الإلكترونية الروسية والصينية.
وسيكون الحجم عاملاً مهمًا آخر، حيث تميل الشركات الأكبر حجماً إلى التحلي بقدر أكبر من المرونة في أوقات التراجع الاقتصادي، ويرجع هذا جزئياً إلى أنها تحتفظ بكثير من السيولة النقدية، فقد نمت الاحتياطيات النقدية المجمعة لدى الشركات الخمس الكبرى (ألفابت، وأمازون، وأبل، وميتا، وميكروسوفت) إلى أكثر من 500 مليار دولار بما يعادل 27٪ من الاحتياطيات لدى كل الشركات غير المالية في مؤشر إس أند بي 500، فالسيولة النقدية تساعد بطريقتين: فهي تعني أن الشركات قادرة على توظيف أفضل المواهب والاحتفاظ بهم، كما تتمكن الشركات الغنية من اجتذاب الشركات الصغيرة بأسعار فائدة منافسة.
كما شاركت شركات التكنولوجيا المتوسطة أيضًا في هذه المهمة (ومن غير المرجح أن تدقق الجهات التنظيمية في الإسراف)، ومن المتوقع استمرار العلاقات، فبعد انهيار شركة دوتكوم (dotcom) في عام 2001 والأزمة المالية العالمية في الفترة 2007-2009، سرعان ما عاد عدد عمليات الاستحواذ على التكنولوجيا إلى مستوى ما قبل الانهيار، ولكن متوسط أسعار الصفقات انخفض، وبعبارة أخرى، قد يساعد تغيير التكنولوجيا الكبير في نمو أكبر للعمالقة في عام 2023.