
انطلاقة بروكسل
Feb 01, 2023
انطلاقة بروكسل
الانكماش الاقتصادي وتدمير صناعة التكنولوجيا في أوروبا مرة أخرى
كتب بواسطة
لودفيج سيجلي، محرر الأعمال الأوروبي، الإيكونوميست، برلين وسان فرانسيسكو
كتب بواسطة
لودفيج سيجلي، محرر الأعمال الأوروبي، الإيكونوميست، برلين وسان فرانسيسكو
Feb 01, 2023
دقت أجراس الإنذار في إحدى جولات التمويل الأخيرة لشركة كلارنا (Klarna)، وهي شركة ناشئة أوروبية رائدة صاحبة مقولة «اشتر اليوم، وأدفع غدًا»، وهي نسخة حديثة من الشراء بالتقسيط، وفي يونيو 2021 قدر المستثمرون قيمة الشركة بنحو 46 مليار دولار مما يجعلها أكبر شركة أحادية القرن (يونيكورن) في أوروبا (شركة ناشئة مملوكة للقطاع الخاص تتجاوز قيمتها مليار دولار)، ولكن عندما جمع شركة كلارنا 800 مليون دولار أخرى في يوليو 2022، تقلص هذا التقييم إلى 6.7 مليار دولار مما يؤدي إلى انكماش بأكثر من 80%.
ولقد ذكّرنا هذا الانخفاض الحاد بالفترة التي أعقبت انفجار فقاعة الدوت كوم في بداية القرن والأزمة المالية في الفترة 2007-2009 التي قضت أيضًا على المشهد التكنولوجي الأوروبي، ولكن حتى الآن يبدو أن شركة كلارنا هي الاستثناء وليست القاعدة، حيث ظل الاستثمار في الشركات الناشئة الأوروبية صامدًا ووصل إلى ما يقرب من 59 مليار دولار خلال النصف الأول من عام 2022، ووفقًا لمقدم البيانات ديلروم- فقط حوالي مليار دولار أقل من الفترة نفسها من العام السابق، ولكن عام 2023 سيظهر ما إذا كان النظام البيئي للشركات الناشئة في أوروبا قد أصبح أكثر قوة.
كان عام 2021 عامًا عصيبًا على الشركات الناشئة الأوروبية حتى بالمعايير العالمية الصارمة، فللمرة الأولى تجاوزت استثمارات رأس المال المغامر في القارة العجوز 100 مليار يورو (118 مليار دولار أمريكي) في عام واحد وفقًا لشركة بيتش بوك (PitchBook)، وهي مقدم بيانات آخر. وارتفعت التقييمات على هذا النحو، مما أدى إلى إنشاء العديد من شركات أحادي القرن، وفي أوائل أكتوبر 2022، كان هناك 159 شركة، أي 13% من الإجمالي العالمي (انظر الرسم البياني).
وأسماء أغلب هذه الشركات ليست مألوفة ، ولكنها تمثل قوى متصاعدة في صناعاتها، وتساعد شركة سيلونيس (Celonis) (بقيمة 13 مليار دولار) الشركات على تحديد العمليات التجارية وتحسينها، وتدير شركة بيرسونيو (Personio) (بقيمة 8.5 مليار دولار) الموارد البشرية للشركات الأصغر حجمًا، أما شركة نورثفولت (Northvolt) (بقيمة 12 مليار دولار) هي مصنع سريع النمو لبطاريات الليثيوم أيون للسيارات الكهربائية.
كما تغيرت جودة النظام الإيكولوجي للشركات الناشئة في أوروبا وسياقه أيضًا، فقد استفادت من النمو السريع للحوسبة السحابية، لا سيما خلال جائحة فيروس كوروناإلى أن أصبح من الممكن تقديم جميع أنواع الخدمات الحاسوبية عبر الإنترنت، وكانت شركات البرمجيات الكبرى تميل إلى التجمع في بضعة محاور، ولا سيما في شركات سيليكون فالي، أما الآن مع قدرة الحوسبة على الاستفادة -أيًا ما كان المكان- أصبح الموقع أقل أهمية، كما أصبح سوق الحوسبة السحابية ضخمًا إلى الحد الذي يجعل حتى الشركات المتخصصة التي تهتم بقطاع واحد من العملاء الأوروبيين تحقق نجاحًا كبيرًا.
بل والأهم أن رجال الأعمال الأوروبيين أصبحوا أكثر خبرة، فتقول شركة موزاييك فينشرز (Mosaic Ventures)، وهي شركة رأس المال المُخاطر في لندن، إن إثنين من كل ثلاثة مؤسسين يملكان أكثر من شركة ناشئة تحت إدارتهم، والآن يتراكم رأس المال ويُضخ مرة أخرى إلى الصناعة، وحققت الشركات الأوروبية المسجلة في سوق رأس المال رقمًا قياسيًا إذ جمعت 20 مليار دولار في النصف الأول من عام 2022 وفقًا لديجروم.
الكثير من مستثمرين جمعوا المال كمؤسسين، ومن هنا بدأ النظام البيئي يتغذى على نفسه، فخلق ما يسميه المصادر المطلعة «الحدافة»، وتعني أن النجاح يولد المزيد من النجاح.
لا يعني ذلك أن مشهد الشركات الناشئة في أوروبا محصن ضد التأثيرات المترتبة على التراجع التكنولوجي المطول، لكنها محصنة بشكل أكبر مما يحدث في أماكن أخرى من العالم مقارنةً بما كانت عليه في الماضي، لكنها ليست وحدها من حقق هذا الإنجاز، إذ أن النظم البيئية الإقليمية الأخرى مثل الموجودة في الهند وجنوب شرق آسيا أصبحت جزرًا للشركات الناشئة من تلقاء نفسها، وأعلنت جميعًا استقلالها عن أم كل شركات الأنظمة البيئية «سيليكون فالي».