
محاربة وحش التضخم
Feb 01, 2023
محاربة وحش التضخم
تتوقع راشانا شانبهوغ أن تواجه الشركات خليطًا سامًا من التكاليف المرتفعة والطلب المنخفض في عام 2023، فكيف سيتجاوبون لذلك؟
كتب بواسطة
راشانا شانبهوغ، نائبة محررة شؤون الأعمال، الإيكونوميست
كتب بواسطة
راشانا شانبهوغ، نائبة محررة شؤون الأعمال، الإيكونوميست
Feb 01, 2023
الجغرافيا السياسية المتأججة، الحرب الصريحة، وباء عالمي: أي شخص قاد عمل تجاري عبر صعود وهبوط في العشرينيات حتى الآن ربما يشعر كما لو أنه قد رأى ومر بكل شيء، والآن يجب ان يستعدوا لمحاربة عدو آخر وهو الوحش ذو الرأسين؛ التضخم المرتفع والركود الاقتصادي، وكان قد ظهر هذا الوحش التضخمي المخيف للمرة الأخيرة في سبعينيات القرن العشرين، قبل وقت طويل من وصول كبار المسؤولين التنفيذيين اليوم إلى السلم الوظيفي. فكيف يجب أن يتجاوبوا معه الآن؟
يتعين على الشركات أن تتعامل مع التضخم المتصاعد، فقد انخفضت أسعار الأسهم في عام 2022 مع أول شركة ثم حذرت شركة أخرى من انخفاض التكاليف بشكل ملحوظ، وذكرت شركة فورد أن تكاليفها في الربع الثالث من العام كانت أعلى بمقدار مليار دولار مما كانت تتوقع، على سبيل المثال - تجاوز يعادل حوالي 25٪ من أرباحها التشغيلية المعدلة في الربع الثاني. وبالنسبة لليورو ارتفعت أسعار المنتجين إلى عنان السماء بمعدلات سنوية تجاوزت 40٪ على خلفية الزيادات الهائلة في أسعار الطاقة، ولكن حتى مع ارتفاع التكاليف ظل الطلب الاستهلاكي قويا وما زال مدعوما بالحوافز المالية السخية التي تم إقرارها أثناء الجائحة. ولقد ساعد هذا في ارتفاع أرباح الشركات الأميركية، كحصة من الناتج المحلي الإجمالي، لتصل إلى مستويات قياسية خلال العام.
وفي عام 2023، سيواجه المديرون المهمة الشاقة المتمثلة في الدفاع عن هوامش الربح العالية من مصدري الضغط؛ الأول هو استمرار ارتفاع التكاليف رغم أن أسعار الطاقة قد تتوقف عن الارتفاع بهذه السرعة، فإنها ستظل عند مستويات مرتفعة كما ستبقى الأجور وغيرها. والواقع أن «الدودة الشريطية العملاقة للتضخم»، كما وصفها ذات يوم وارين بافيت وهو مستثمر شهير يجازف بتكديس الدولارات التي كانت مخصصة للاستثمار أيضاً، وستضطر الشركات إلى إنفاق المزيد من الأموال على المخزونات والمستحقات ببساطة من أجل الحفاظ على مستوى معين من الإنتاج على حساب الإنفاق الرأسمالي.
وسيأتي الضغط الثاني على الهوامش من تعثر الطلب برغم أن الحكومات في أوروبا تحاول التخفيف من وطأة صدمة الطاقة، فإن المستهلكين سيشترون بكميات أقل ومع فقدانهم للقوة الشرائية سيبدأ في أميركا ارتفاع أسعار الفائدة في التأثير سلباً على الاقتصاد، ولا عجب إذن في أن 39٪ من كبار المسؤولين الماليين الذين استطلعت آراؤهم شركة ديلويت الاستشارية في أغسطس 2022، قالوا إن 46٪ يتوقعون أن تمر أميركا بفترة من الركود التضخمي في عام 2023.
وفي مجابهة وحش الركود التضخمي، سيستخدم الرؤساء خليطاً من الاستراتيجيات، وسيسعى المزيد منهم إلى تحميل الزيادات في التكاليف على العملاء حيث رفعت ماكدونالدز في عام 2022 سعر برجر الجبن في بريطانيا للمرة الأولى منذ 14 عاما على سبيل المثال، وستحذو شركات أخرى حذوها. وهذا ليس بالأمر المريح على الإطلاق، فقد يكون رد فعل المستهلكين إزاء ارتفاع الأسعار سيئاً، مما قد يؤدي إلى انخفاض حصة أي شركة في السوق وعائداتها، والشركات الأفضل حظًا هي تلك التي تتمتع بقدرة وضع خطط تسعير قوية، إما لأنها تبيع منتجات أساسية من حيث الطلب ولنقل السلع الاستهلاكية التي تنتجها شركة نستله على سبيل المثال أو لأنها تحمل علامات تجارية يثق بها العملاء ويقدرونها، حيث صرح السيد بافيت ذات يوم: «إن امتلاك علامة تجارية لأمر رائع خاصة أثناء فترات التضخم»، ربما كان يفكر في استثماراته الخاصة في شركة كوكاكولا.
ولا تتمتع كل الشركات بهذة القوة، وفي كل الأحوال هناك حدود لرفع الأسعار يجب الإلمام بها قبل أن يبدأ العملاء في الابتعاد، وستلجأ بعض الشركات إلى استخدام أسلوب «الانكماش» فتجعل قطع الشوكولاتة أصغر على سبيل المثال، في حين تترك الأسعار بلا تغيير، وستسعى شركات أخرى إلى خفض التكاليف من خلال زيادة الكفاءة، وبالفعل بدأت فواتير الطاقة المرتفعة في أوروبا في إعادة تشكيل سلاسل التوريد لبعض الشركات مثل شركة باسف عملاق المواد الكيميائية التي تصنع أمونيا أكثر كثافة في استخدام الطاقة للأسمدة في أمريكا وبلجيكا على سبيل المثال بدلا من وجوده في ألمانيا حيث تكلفة الغاز الطبيعي باهظة وتجعلها غير اقتصادية.
وأصعب المحاولات للإبقاء على التكاليف منخفضة تشمل النظر في أجور العمال، وفي ظل نقص الأيدي العاملة اللازمة بسبب الجائحة إلى حد كبير، تعثر أصحاب العمل اثناء محاولاتهم في التودد إلى الموظفين وتشجيعهم على العمل عن بعد وتقديم المكاتب وما يلزم ذلك، ولكن مع ارتفاع التكاليف وتذبذب الطلب، فقد يتحول هؤلاء المديرون من أشخاص ودودة إلى خصوم. ومع وصول تكاليف المعيشة إلى عنان السماء، تطالب النقابات في أميركا وأوروبا بزيادة كبيرة في الأجور. ولكن مسألة زيادة الأجور سيصعب الاتفاق عليها مع ارتفاع مستويات الطلب، وسيبدأ التهديد بترك العمل في الظهور. وحتى في منتصف عام 2022، قالت نصف الشركات الأمريكية التي شملها الدراسة الاستقصائية التي اجرتها شركة PWC، وهي شركة استشارية أخرى، أنها تخطط لخفض عدد الموظفين.
وكما كانت الحال مع التحديات الأخرى التي واجهها العالم في الأعوام الأخيرة، ستظهر بعض الشركات في حالة أفضل من غيرها، أما الرؤساء الذين يترأسون التكاليف المتصاعدة وانهيار حصة السوق فسيتحملون هزيمة ساحقة من جانب المستثمرين التعساء. ولكن أولئك الذين يخرجون منتصرين من هذا النضال الأخير بين الشركات فسيظفرون بسمعة أفضل، فلتبدأ المعركة.