غائم مع احتمال الشعور بالألم
Feb 01, 2023
غائم مع احتمال الشعور بالألم
يقول روجر مكشين بأن الرئيس شي جين بينغ قد هيأ نفسه لسنة صعبة
كتب بواسطة
روجر مكشين، محرر الصين، الإيكونوميست
كتب بواسطة
روجر مكشين، محرر الصين، الإيكونوميست
Feb 01, 2023
وحتى في لحظة انتصاره، اعترف شي جين بينج بأن السحب الداكنة تخيم على الصين، وفي مؤتمر الحزب الشيوعي الذي عقد في أكتوبر2022 ويتكرر كل خمس سنوات ، ضمن الرئيس شي فترة ولاية ثالثة كسابقة له كرئيس للحزب. وفي حديث له أمام نحو 2300 من مندوبي الحزب في بكين، وصف «قائد الدفة» -كما يطلق عليه الآن في وسائل الإعلام التابعة للدولة (مع أصداء مقلقة لعبادة ماو تسي تونج قبل أكثر من نصف قرن من الزمان)- أنه مر عقدًا من الإبحار السلس في أغلب الأحوال في ظل حكمه، ولقد تم القضاء على الفقر المدقع، كما أن سياسة «عدم انتشار فيروس كورونا» التي انتهجها قد أنقذت الأرواحن وقال إن الحزب قد «احتوى فعلياً على الانفصاليين العرقيين والمتطرفين الدينيين والإرهابيين العنيفين»، مستعينا بتعاريف فضفاضة لكل منهم، ولكنه حذر أيضا قادة الحزب من أن يكونوا «مستعدين لمقاومة الرياح العاتية، والمياه المتلطمة، وحتى العواصف الخطيرة”.
يعتقد شي أن القوى الأجنبية، وعلى رأسها أميركا، تريد احتواء الصين، وليس بدون سبب فالعديد من البلدان الغربية ترى أن صعود الصين أمر مقلق، فقد سعت إدارة الرئيس جو بايدن إلى عرقلة صناعة التكنولوجيا الصينية بفرض العقوبات وفرض الضوابط على الصادرات. ويرغب شي في إعادة تشكيل النظام العالمي بطريقة ترضي المستبدين، فهو يقدم النموذج السلطوي في الصين كبديل معقول للغرب، ولديه موارد تحت تصرفه أكثر من أي طاغية في التاريخ.
يبدو أن الصين أضعف أيضا مما يمكن أن تكون عليه لولا ذلك، بفضل خيارات الرئيس شي، المشاكل في الوطن آخذة في التصاعد، وسيجد قائد الدفة صعوبة في الإبحار في عام 2023.
من بين التحديات الأكثر إلحاحًا هي فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، وقد وضع الرئيس شي الصين في الزاوية من خلال سياسته التي تقضي بعدم انتشار فيروس كورونا، التي تعتمد على الإغلاق المحلي والقيود الصارمة لوقف تفشي الوباء. وهو محق في أن ذلك أنقذ العديد من الأرواح. ولكنها الآن تخنق الاقتصاد وتحبط المواطنين، الذين يعيشون تحت تهديد مستمر بالحجر الصحي. ولم تخفف الصين من القيود كما لم يحصل الكثير من السكان على جرعات كافية من اللقاح المحلي لتقليل خطر الإصابة بأمراض حادة والوفاة إلى حد كبير؛ ولم تدفع الدولة إلى الإصابة بأمراض خطيرة، مفضلة الإغلاق. كما لن تستورد الصين لأسباب سياسية لقاحات “الرنا” الغربية الأكثر فعالية مما يجعل النظام الصحي ضعيف ويجعل الصين غير مستعدة على الإطلاق للتعايش مع الفيروس، وتشير النماذج إلى أن الخروج من سياسة عدم انتشار فيروس كورونا سيؤدي إلى اكتظاظ المستشفيات ومئات الآلاف من الوفيات.
هذا الاضطراب قد يثير قلق الحزب وكذلك الاقتصاد الراكد، كان النمو أبطأ من المتوقع في عام 2022، وسيكون أكثر بطئًا في عام 2023 إذا استمرت الحكومة على مسارها الحالي، ويكافح الشباب، بمن فيهم خريجي الجامعات، لإيجاد فرص عمل، ويعاني سوق العقارات الذي يدعم قسماً كبيراً من الناتج المحلي الإجمالي بأزمة. إن الإغلاق التام والحد من السفر، اللذين يعطلان سلاسل الإمداد ويقللان الثقة، ليسا سوى جزء من المشكلة. ولقد رسم الرئيس شي نموذجا لاقتصاد أكثر اشتراكية تسيطر عليه الدولة، ويرى أنه يجب أن يكون للحزب رأي أكبر في كيفية إدارة الأعمال مما أبطأ وتيرة الإبداع ووهن ديناميكية القطاع الخاص من خلال فرض قيود تنظيمية صارمة على شركات التكنولوجي وإبعاد الشركات الصينية من الخريطة العالمية.
كما تعمل التركيبة السكانية أيضا ضد الصين ففي ثمانينيات القرن العشرين فرض قادتها سياسة الطفل الواحد. وكان الاعتقاد آنذاك أن عدد السكان ينمو بسرعة كبيرة، والآن يخشى الزعماء العكس تماما، ففي عام 2023 من المرجح أن يبدأ عدد سكان الصين، الذي يبلغ حاليا نحو 1،4 مليار نسمة في الانكماش وستتفوق الهند عليها باعتبارها الدولة الأكثر اكتظاظاً بالسكان في العالم، فلسنوات كانت حصة كبار السن في الصين في ارتفاع مستمر، في حين انكمشت قوة العمل، وقد أدى ذلك أيضا إلى تراجع النمو الاقتصادي وفرض عبئاً ضخماً على الشباب. وفي عام 2015 تحولت الصين إلى سياسة الطفلين، وفي عام 2021 سمح هذا القانون بثلاثة أطفال، ولكن يبدو أن الشباب لا يريدون عائلات كبيرة، وأصبح متوسط عدد الولادات لكل امرأة أقل كثيراً من المتوسط المطلوب للحفاظ على استقرار السكان، ناهيك عن النمو.
وينظر بعض الخبراء إلى هذه المشاكل، فضلاً عن أعباء الديون الثقيلة التي تتحملها الصين، ويزعمون أنها بلغت ذروة قوتها، والسيد شي الذي سيعاد ترشيحة كرئيس للدورة السنوية للهيئة التشريعية في مارس 2023، غير مستعد لتغيير مساره. ماذا قد يعني هذا؟ فالصين الأبطأ نمواً سوف تصبح مواردها أقل من تلك التي تستطيع بها تحدي الغرب، بيد أن ضعف الصين خوفا من الاختناق الاقتصادي من جانب أميركا قد يكون أشد خطورة. وإذا كانت الصين تتوقع تراجعاً وكانت لا تزال راغبة في إعادة تشكيل العالم أو الاستيلاء على تايوان فإن بعض المراقبين يخشون أن تتحرك الصين قريباً بينما يمكنها ذلك.
ويتعين على أهل الغرب أن يحذروا من التكهن بنتيجة انهيار الحزب الشيوعي لمجرد أن ذلك قد يكون محل رغبتهم، وحتى الاقتصاد الصيني الأضعف سيظل من بين أضخم الاقتصادات على مستوى العالم. وتستطيع الدولة أن تحشد موارد هائلة في مجالات إستراتيجية، مثل إنتاج أشباه الموصلات أو الأسلحة. وستواجه بلدان أخرى، بما في ذلك أميركا، تحديات ديموغرافية خاصة بها في السنوات المقبلة. إن صعود الصين المستمر ليس حتمياً، وانحدارها أيضا ليس حتمياً.
