
كيف تسبب حرب بوتن عدم الاستقرار العالم
Feb 01, 2023
كيف تسبب حرب بوتن عدم الاستقرار العالم
يقول روبرت غيست «سيتعلم قليل من الحكماء من أخطاء فلاديمير بوتين الفادحة»: على العالم أن يتعلم من الدروس الصحيحة
كتب بواسطة
روبرت غيست، محرر الشؤون الخارجية، الإيكونوميست
كتب بواسطة
روبرت غيست، محرر الشؤون الخارجية، الإيكونوميست
Feb 01, 2023
يقول المثل إنه عندما تتصارع الفيلة، فالعشب وحده هو من يدفع الثمن، ولكن ماذا يحدث عندما يهاجم دب كبير مخلوقاً أصغر ولكن يخرج هذا الدب متأذيًا؟ ولا تقدم الاقوال المأثورة الارشاد الكافي. ومع ذلك، فإن هذا سؤال حاسم بالنسبة للقوى المتوسطة في عام 2023، فأوكرانيا التي تنزف تغير العديد من حساسابات فلاديمير بوتن الجيوسياسية.
وإذا خسر بوتن فإن بعض الدول التي تخشى روسيا مثل دول البلطيق ستكون أقل خوفاً منها. ويخشى آخرون أن تكون روسيا المهزومة سيصعب التنبؤ بتوجهاتها. ولم يهدد بوتين كازاخستان مباشرة، فوضعها مماثل لوضع أوكرانيا، تتشارك حدود طويلة مع روسيا وأقلية كبيرة من الناطقين باللغة الروسية. ولكن المفكرين الروس القوميين يحثونه على تقسيمها والاستيلاء على الأراضي «لحماية» الأصول العرقية الروسية من الاضطهاد الوهمي، والواقع أن أكاذيبهم عن كازاخستان تحمل تشابهاً مخيفاً مع أكاذيبهم عن أوكرانيا، فكزاختان بها مختبرات للحرب البيولوجية بالقرب من الحدود الروسية على سبيل المثال، وتخطط لحظر تدريس اللغة الروسية في المدارس، وحين تنتهيالحرب في أوكرانيا، الكازاخستانيين سيكون لديهم الكثير من الأسباب التي تدعوهم إلى التوتر.
ويشير غزو روسيا لأوكرانيا إلى أن أي دولة لم تحكمها موسكو ليست آمنة، أما الدول التي امامها فرصة لإقامة علاقات وثيقة مع حلف شمال الأطلنطي مثل فجورجيا ومولدوفا سيحرصان على تحقيق هذه الغاية، والدول التي لا تتوقع الحصول على المساعدة من حلف شمال الأطلنطي مثل كازاخستان وقيرغستان وطاجيكستان فستسعى إلى تعميق علاقاتها مع الصين، حيث يزعمون وجود خطوط السكك الحديدية والمعامل صينية على الأراضي الروسية، ولذلك لن تكون الصين عرضة للهجوم الروسي. والنظام الوحيد الذي من المرجح أن يقترب من روسيا في عام 2023 هو إيران، التي تحتاج إلى شريك تجاري وصديق في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
ستصبح الأنظمة التي تعتمد على الدعم الروسي أكثر توتراً، فقد تشبث حاكم بيلاروسيا المستبد ألكسندر لوكاشينكو بالسلطة بفضل دعم السيد بوتن، وفي المقابل سمح باستخدام أراضي بيلاروسيا كمنصة لإطلاق الهجوم الروسي على كييف عاصمة أوكرانيا وفشل فشلا ذريعًا، ويحرص لوكاشينكو على عدم الانجرار أكثر إلى الحرب التي لا تحظى بشعبية كبيرة بين أهل بيلاروسيا التي تزيد من حدة الازدراء الذي يشعرون به إزاء رئيسهم الذي يتلاعب بالانتخابات، لكن بوتين سيستمر في الضغط عليه.
وفي أفريقيا، تدعم مجموعة «فاجنر» وهي مجموعة مرتزقة تديرها محامية مقربة من بوتن الحكومات الاستبدادية في جمهورية أفريقيا الوسطى ومالي وتدعم أيضًا أحد أمراء الحرب في ليبيا، وربما يكون هذا الدعم ذاتي التمويل من خلال صفقات معادن غامضة، وتم استدعاء بعض بلطجية فاجنر للقتال في أوكرانيا. وإذا فقدت عملياته في أفريقيا الدعم الضمني للدولة الروسية، فستشقى من أجل إبقاء عملائها في السلطة.
يشهد منتجو الطاقة تعزيز نفوذهم الدبلوماسي ما دامت الحرب تعطل أسواق الطاقة، ولن تشعر المملكة العربية السعودية التي تعاني من ضائقة مالية كبيرة بضغوط حقيقية لتحسين سجلها في مجال حقوق الإنسان أو تنويع اقتصادها، كما سيزدهر موردو بدائل الغاز الروسي، وتغدق أوروبا بالأموالًا على قطر، التي تعد مصدراً كبيراً للغاز الطبيعي المسال، فمصر التي تشاجرت ذات يوم مع قطر حول دعمها للإسلاميين، تستسلم الآن لها على أمل الحصول على دعم مالي.
وستستمر موجات قصيرة من الأحداث السياسية الناجمة عن إرتفاع أسعار الغذاء والطاقة، التي ساهت بالفعل في اندلاع الاحتجاجات وأعمال الشغب في العديد من البلدان، وفي الإطاحة برئيس سريلانكا، وحتى لو كانت أسعار الغذاء معتدلة بعض الشيء في عام 2023، فمن المتوقع أن تندلع الاضطرابات في أماكن مثل باكستان وتونس، حيث يلقي الناس باللوم على الحكومات التي لم تعد تتمتع بشعبية كبيرة بسبب إنعدام الأمن الغذائ، ومزيد من المتاعب محتمل حدوثها في بلدان مثل نيجيريا وتركيا حيث تسببت السياسات الاقتصادية الرديئة في تفاقم الضرر ومن المقرر أن تعقد انتخابات مشحونة في عام 2023.
أما الحالة الأخيرة فهي حالة غير عادية؛ على الصعيد الدبلوماسي يأمل رئيس تركيا رجب طيب أردوغان، في الاستفادة من الحرب في أوكرانيا بغض النظر عن مجرياتها، فإن خسر بوتين وضعفت روسيا بشدة، فقد يترك ذلك فراغ في الأماكن التي تهتم بها تركيا مثل سوريا وجنوب القوقاز، وفي حال تراجع الدعم الروسي لأرمينيا، سيكثف أردوغان دعمه لأذربيجان التي تحارب أرمينيا على الأراضي.
وإذا ما إستمرت الحرب في أوكرانيا، فإن أردوغان سيستمر في اللعب على كلا الجانبين، وسيتوقع مكافآت من موسكو مثل الغاز الرخيص وسيرحب بالأموال الروسية والسياح الروس، كما سيبيع المزيد من الأسلحة لأوكرانيا، وسيطالب الغرب بإعطاء فضل لمنع السفن الحربية الروسية من دخول البحر الأسودن وإن خسر أردوغان الانتخابات في يونيو، فمن المحتمل أن يتخذ خلفه نهجاً مماثلاً تجاه السياسة الخارجية.
وفي الإجمال، فإن إذلال السيد بوتن في أوكرانيا من شأنه أن يجعل الحكام المستبدين في كل مكان في حالة من الحذر الشديد من شن حروب الفتح وخاصة إذا أدت الهزيمة إلى سقوطه. وعلى هذا فإن الأمر الأكثر أهمية هو أن يضاعف أنصار أوكرانيا دعمهم. فالعدوان يجب أن يتم مناهضته، ويجب أن ينظر إليه على أنه يمكن مناهضته، لأن العالم سيصبح أكثر سلمًا على المدى الطويل إذا خسر السيد بوتين.