الطاولة فارغة
Feb 01, 2023
الطاولة فارغة
ستتمحور مشكلة الجوع حول إمكانية توفر الغذاء وليس سعره
كتب بواسطة
أفانتيكا شيلكوتي، مراسلة دولية، الإيكونوميست
كتب بواسطة
أفانتيكا شيلكوتي، مراسلة دولية، الإيكونوميست
Feb 01, 2023
يدخل العالم في أزمة جوع في عام 2023 ويقدر برنامج الأغذية العالمي (WFP) -وكالة تابعة للأمم المتحدة تنسق توزيع المساعدات الغذائية- بأن عدد الأشخاص الذين سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد ارتفع من 282 مليون شخص في نهاية عام 2021 إلى 345 مليون شخص في عام 2022. وسيصل 50 مليون شخص عام 2023 إلى حافة المجاعة، وفي ظل استمرار معاناة الحكومات من جائحة كوفيد-19 وتصارعها مع تباطؤ النمو الاقتصادي، قد يتضور العديد من هؤلاء الأشخاص جوعًا في الأشهر المقبلة.
حتى الآن، كانت المشكلة متمثلة إلى حد كبير في ارتفاع الأسعار وليس توفر المنتجات، وجميعنا يعرف أن روسيا وأوكرانيا من بين أكبر خمس دول مصدرة لمنتجات الشعير والذرة وعباد الشمس في العالم، وعندما اندلعت الحرب تأثر تخزين مؤن الكثير من الاطعمة الرئيسية تأثرًا كبيرًا، وكانت البلدان الأشد تضررا من بين أفقر البلدان في العالم حيث اعتمدت السودان وتنزانيا وأوغندا على سبيل المثال على روسيا وأوكرانيا فيما يزيد على 40٪ من وارداتها من القمح. ولكن التأثيرات كانت محسوسة أيضًا في كل مكان، فقد ارتفعت أسعار الغذاء العالمية إلى عنان السماء بينما استجابت دول أخرى بما في ذلك الأرجنتين والهند لفرض القيود التجارية. وتضررت جهود الإغاثة في حالات الطوارئ في كل مكان لأن برنامج الأغذية العالمي يشتري عادة نصف القمح الذي يوزعه من أوكرانيا.
ومع استمرار الحرب شهدنا إرسال أوكرانيا شحنات الغذاء ثم واجهت حصارا متقطعًا، ويلقي ضعف النمو الاقتصادي بثقله على الطلب وفي بعض المناطق بدأ التضخم في التساهل. فقد انخفض مؤشر أسعار الغذاء لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو)، الذي يقيس التغير الشهري في الأسعار الدولية للسلع الغذائية، تدريجيا من أعلى مستوى له على الإطلاق في مارس 2022.
حذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس من أن العالم قد يتحول من مكافحة تضخم أسعار الغذاء إلى عدم توفر ما يكفي من الغذاء، فقد أنهار إنتاج سماد النيتروجين مع تقلص الصادرات الروسية من الغاز الطبيعي، وهو عنصر بالغ الأهمية، وبات يستخدم المزارعون مخصبات أقل، ويبدلون المحاصيل مما ينتج عنه انقطاعات في الإنتاج.
في عام 2023 سيشعر الناس بالجوع لأسباب كثيرة مختلفة، وفي مناطق مثل أفغانستان وإثيوبيا واليمن المحفوفة بالصراعات ستتعطل الزراعة، وتغير المناخ يعني أن الظواهر الجوية المتطرفة مثل الفيضانات في باكستان والجفاف في القرن الأفريقي ستصبح أكثر شيوعا. وفي أماكن أخرى تتضمن الدول الغنية مثل أميركا وبريطانيا والدول المنتجة للغذاء مثل البرازيل والهند فإن المشكلة ببساطة ستتلخص في الفقر. إن المزيج من ارتفاع معدلات التضخم وتباطؤ الاقتصاد العالمي يعني أن العديد من الناس سيكافحون من أجل تحمل تكاليف الغذاء الضروري.
إن عواقب نقص الغذاء وخيمة، يزيد الجوع من خطر الإصابة بحالات مرضية مزمنة، مثل أمراض القلب والسكري. وسوء التغذية لا يعني فقط أن الناس يأكلون قليلا جدا ويكونون نحيفين، ففي المدن بصورة خاصة سيشتري هؤلاء الذين لا يستطيعون تحمل تكاليف الوجبات المغذية الأطعمة الرخيصة المعبأة غير المفيدة، وسيتعرض الفقراء بنسب متزايدة لخطر السمنة.
النساء هن الأكثر تضررا، وهم أكثر عرضة للفقر ولترك الطعام من أجل إطعام أسرهم، وتقول منظمة الأغذية والزراعة إن 31،9٪ من النساء في العالم في عام 2021 كن يعانين من «انعدام الأمن الغذائي» المعتدل أو الشديد مقارنة ب 27،6٪ من الرجال، وأن الفجوة آخذة في الاتساع. وقد أظهر مسح أجرته منظمة كير وهي منظمة غير حكومية كيف يتصادم عدم المساواة بين الجنسين وانعدام الأمن الغذائي. وفي الصومال، قال الرجال إنهم يأكلون وجبات أصغر، لكن النساء قلن إنهن لا يأكلن على الإطلاق، وكما نقل تقرير عن امرأة في نيجيريا: «لقد خفضنا كمية الطعام لكل شخص، باستثناء زوجي لأنه رجل البيت.”
وبالنسبة لتأثير ذلك على الأطفال، فسيؤدي الجوع إلى إعاقة نمو الدماغ ويقلل من المناعة، ,يمكن لبضعة أشهر فقط من سوء التغذية في مرحلة الطفولة أن تقلل من آمال الشخص في العيش حياة صحية ومنتجة. وفي دار حضانة للأطفال المحرومين في ساو باولو، ترى مديرة المدرسة كلوديا روسو المزيد والمزيد من الأطفال الذين يصلون لتناول الإفطار في الصباح ولم يأكلوا شيئا منذ الغداء الذي قدمته الحضانة في اليوم السابق. وهؤلاء الأطفال أصغر حجما وأكثر مرضًا وأبطأ نتيجة لذلك، وبالنسبة لهم ستظل تأثيرات الأزمة الغذائية الحالية باقية لفترة طويلة بعد إعادة بناء سلاسل الإمداد وهبوط أسعار المواد الغذائية.
