
المزيد من الاحترار
Feb 01, 2023
المزيد من الاحترار
ما هو المتوقع من المناخ العالمي ومن دبلوماسية المناخ في العام المقبل؟
كتب بواسطة
كاثرين برايك محررة بيئية، الإيكونوميست
كتب بواسطة
كاثرين برايك محررة بيئية، الإيكونوميست
Feb 01, 2023
تعرض العالم في الأشهر والسنوات الأخيرة لسلسلة من الأحداث المناخية القاسية، والتي سلطت الضوء على عواقب تراكم الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي، وستظهر المزيد من هذه الأحداث في عام 2023. ومع ارتفاع متوسط درجات الحرارة العالمية الآن إلى 1.1-1.3 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة، ستزداد موجات الفيضانات والجفاف وحرائق الغابات ودرجات الحرارة سوءًا أو تزداد احتمالية هذا أو ذاك (أو كليهما) نتيجة للتغيرات المناخية.
ولكن على الرغم من أن تغير المناخ يرفع متوسط درجات الحرارة بشكل مطرد، فبعض الظواهر الطبيعية لتقلبات المناخ تؤدي الدور نفسه، ومن أقوى هذه الظواهر هي ظاهرة تذبذب النينو الجنوبي التي تسبب تذبذب المناخ في المناطق المدارية بين الحالتين: النينيو والنينيا؛ فالنينو تؤدي إلى زيادة هطول الأمطار في وسط وشرق المحيط الهادئ وتسبب الجفاف في أستراليا، والنينيا ترتبط بحدوث الجفاف في شرق إفريقيا، وسقوط المزيد من الأمطار في غرب إفريقيا وجنوب آسيا.
على غير المعتاد، فإن ظاهرة النينيا التي نشهد حدوثها حاليًا والتي بدأت في سبتمبر 2020 في عامها الثالث الآن وهي المرة الأولى في هذا القرن التي يحدث فيها مثل هذا «الانحدار الثلاثي» للظاهرة (انظر الرسم البياني)، وتُبين التوقعات الموسمية عدم هطول الأمطار في شرق إفريقيا بحلول نهاية عام 2022، سيؤدي إلى زيادة موجات الجفاف وندرة الغذاء في المنطقة في عام 2023.
احتمالية تأثر تقلبات المناخ المتمثلة في دورات ظاهرة تذبذب النينيو الجنوبي بتغيره وكيف تتأثر به أصبح مجال نشط للبحث، على ما يبدو حتى الآن فهذه الدورات هي المسؤولة عن الاحترار إلى حد كبير، وأن السنوات التي نشهد فيها ظاهرة النينيا تميل إلى أن تصبح أكثر برودة من المتوسط، وإن أعقب الدورة الحالية فترة تقلبات مناخية معتدلة في 2023، فمن المرجح أن يرتفع متوسط درجات الحرارة العالمية قليلاً، وأما إن أعقبها ظاهرة النينيو التي ترفع درجات الحرارة سيقترب متوسط درجات الحرارة العالمية من هدف اتفاق باريس المتمثل في إبقاء درجة الحرارة عند 1.5 درجة مئوية، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى أحداث مناخية قاسية أكثر تدميراً من تلك التي شهدناها في السنوات الأخيرة.
يأتي الحد من هذه الأحداث المدمرة والمكلفة واستقرار المناخ عن طريق الحد من الانبعاثات العالمية من ضمن أهداف المفاوضات الدولية بشأن المناخ، التي عقدت آخر جولة منها في مدينة شرم الشيخ المصري في نوفمبر 2022، حيث عُقد مؤتمر الاطراف المعني بالمناخ في فترة صعبة لم تمكنه من تحقيق النتائج المرجوة لدبلوماسية المناخ وبنهاية عام شهدنا فيه الحرب على أوكرانيا وأزمات الطاقة والغذاء ذات الصلة، وانخرطت السياسة المناخية فجأة مع القضايا الجيوسياسية التي طالما كانت منفصلة عنها، فعلى سبيل المثال إعطاء الأولوية لأمن الطاقة على المدى القصير الذي جاء مغايرًا لخفض الانبعاثات على المدى الطويل أدى إلى زيادة استخدام الفحم.
وذكرت لورانس توبيانا الرئيس التنفيذي لمؤسسة المناخ الأوروبية وهي مجموعة لنشر الوعي بقضايا المناخ: «لقد فجرت الحرب توترات كانت موجودة مسبقًا»، وتضيف إن الحرب «فككت» الاتفاقات السابقة التي خرجت بها كلًا من أمريكا والصين بعد الخلافات السياسية والعسكرية وأحدثت «فوضى سياسية» غير مسبوقة.
وستعقد الدورة التالية لمؤتمر الاطراف في نوفمبر2023 في دولة الإمارات العربية المتحدة، مما يثير الجدل فالمبعوث الخاص لدولة الإمارات للتغير المناخي سلطان أحمد الجابر ووزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة الذي يرأس شركة بترول أبو ظبي الوطنية، ومنتج لنفط دولة الإمارات العربية المتحدة، لطالما تحدث عن إيمانه بأن النفط والغاز سيستمران في لعب دور هام في توفير اقتصاد خالٍ من الكربون، وأن شركات النفط والغاز يجب أن تكون «شركاء فاعلين» للمساهمة في التحول العالمي للطاقة، فالنتوقع جدالًا كبيرًا بشأن ما قاله.
ومن ناحية، يبدو أن بعض أنواع الوقود الأحفوري ستستمر في الاحتراق حتى منتصف القرن، حتى لو وصلنا إلى صافي الصفر العالمي، وسيكون من السهل نسبيًا تشغيل السيارات والقطارات بالكهرباء ولكن من الصعب نزع الكربون عن الطيران والشحن البحري، وقد يكون استخدام بعض أنواع الوقود الأحفوري وموازنة الانبعاثات الناتجة مع احتجاز الكربون في مكان آخر الخيار الأقل سوءًا.
من ناحية أخرى، سيتطلب الحد من الاحترار إلى 1.5-2 درجة مئوية كما هو منصوص عليه في اتفاق باريس انخفاضًا كبيرًا في استخدام الوقود الأحفوري، حيث يلعب كل من النفط والغاز دورًا هامشيًا في قطاع الطاقة العالمي، ودعت الوكالة الدولية للطاقة إلى عدم تطوير الوقود الأحفوري الجديد من أجل تحقيق هدف صافي انبعاثات صفري، وستثير قمة المناخ في الإمارات العربية المتحدة نقاشًا قويًا حول دور شركات النفط في تحول الطاقة، وما إذا كانت فعليًا جزءًا من الحل وليس مجرد جزء من المشكلة.