Article Main Image

على أهبة الاستعداد

Feb 01, 2023

على أهبة الاستعداد

لجوء العديد من الأشخاص للهجرة هربًا من آثار التغيرات المناخية

كتب بواسطة

راشيل دوبس، محررة أخبار آسيا، الإيكونوميست، سنغافورة

كتب بواسطة

راشيل دوبس، محررة أخبار آسيا، الإيكونوميست، سنغافورة

Feb 01, 2023

كل‭ ‬صباح‭ ‬تتجه‭ ‬عشرات‭ ‬الحافلات‭ ‬إلى‭ ‬دكا‭ ‬عاصمة‭ ‬بنغلاديش‭ ‬الممتلئة‭ ‬بالمنازل‭ ‬العشوائية‭ ‬والمهددة‭ ‬أيضًا‭ ‬بالغرق،‭ ‬وتحمل‭ ‬هذه‭ ‬الحافلات‭ ‬الركاب‭ ‬المحملين‭ ‬بأمتعتهم‭ ‬لبدء‭ ‬حياة‭ ‬جديدة،‭ ‬وحسب‭ ‬أحد‭ ‬التقديرات‭ ‬يصل‭ ‬حوالي‭ ‬2000‭ ‬مهاجر‭ ‬إلى‭ ‬المدينة‭ ‬كل‭ ‬يوم،‭ ‬ويأتي‭ ‬معظمهم‭ ‬تقريبًا‭ ‬من‭ ‬أماكن‭ ‬متفرقة‭ ‬من‭ ‬الدولة‭ ‬متأثرين‭ ‬جزئيًا‭ ‬بتبعات‭ ‬تغير‭ ‬المناخ؛‭ ‬إما‭ ‬بسبب‭ ‬كارثة‭ ‬مفاجئة‭ ‬أو‭ ‬لأن‭ ‬هذه‭ ‬التغيرات‭ ‬البيئية‭ ‬جعلت‭ ‬حياتهم‭ ‬غير‭ ‬ممكنة‭.‬


ستصبح‭ ‬هذه‭ ‬المشاهد‭ ‬أكثر‭ ‬شيوعًا‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2023‭ ‬والسنوات‭ ‬اللاحقة،‭ ‬حيث‭ ‬تعتبر‭ ‬منطقة‭ ‬أفريقيا‭ ‬جنوب‭ ‬الصحراء‭ ‬الكبرى،‭ ‬وشرق‭ ‬آسيا‭ ‬والمحيط‭ ‬الهادئ،‭ ‬وجنوب‭ ‬آسيا‭ ‬من‭ ‬المناطق‭ ‬الأكثر‭ ‬تتضررًا،‭ ‬وسيمثل‭ ‬العدد‭ ‬الأكبر‭ ‬من‭ ‬المهاجرين‭ ‬الاشخاص‭ ‬الذين‭ ‬أُجبروا‭ ‬على‭ ‬ترك‭ ‬منازلهم‭ ‬بسبب‭ ‬الظواهر‭ ‬الجوية‭ ‬القاسية‭ ‬التي‭ ‬تفاقمت‭ ‬بسبب‭ ‬ارتفاع‭ ‬درجات‭ ‬الحرارة‭ ‬العالمية،‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬هذه‭ ‬الظواهر‭ ‬الفيضانات‭ ‬المدمرة‭ ‬التي‭ ‬حدثت‭ ‬في‭ ‬باكستان‭ ‬في‭ ‬أغسطس‭ ‬وسبتمبر‭ ‬2022‭ ‬وتسببت‭ ‬في‭ ‬نزوح‭ ‬33‭ ‬مليون‭ ‬شخص‭. ‬ويُعتقد‭ ‬أن‭ ‬نظام‭ ‬المناخ‭ ‬الطبيعي‭ ‬المعروف‭ ‬باسم‭ ‬النينيا‭ ‬الذي‭ ‬يؤثر‭ ‬على‭ ‬أنماط‭ ‬هطول‭ ‬الأمطار‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭ ‬عاملاً‭ ‬مساهماً‭ (‬انظر‭ ‬القصة‭ ‬التالية‭). ‬وفي‭ ‬البلدان‭ ‬الفقيرة،‭ ‬يؤدي‭ ‬تراكم‭ ‬الكوارث‭ ‬إلى‭ ‬إهدار‭ ‬الموارد‭ ‬ويزيد‭ ‬من‭ ‬حدتها‭.‬


لتغير‭ ‬المناخ‭ ‬تأثيرات‭ ‬متعلقة‭ ‬بالوفرة‭ ‬وستقل‭ ‬كميات‭ ‬المحاصيل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬وقت‭ ‬مضى‭ ‬ويرتفع‭ ‬منسوب‭ ‬مياه‭ ‬البحار‭ ‬لتتسلل‭ ‬إلى‭ ‬القرى‭ ‬وستتضاعف‭ ‬تهديدات‭ ‬الاحترار‭ ‬العالمي‭ ‬مما‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬تفاقم‭ ‬الدوافع‭ ‬الأخرى‭ ‬للهجرة‭ ‬مثل‭ ‬الفقر‭ ‬أو‭ ‬النزاع‭. ‬ويتوقع‭ ‬البنك‭ ‬الدولي‭ ‬أنه‭ ‬بحلول‭ ‬عام‭ ‬2050،‭ ‬سيُهجر‭ ‬حوالي‭ ‬143‭ ‬مليون‭ ‬شخص‭ (‬أو‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬2‭.‬8٪‭ ‬من‭ ‬السكان‭) ‬في‭ ‬أفريقيا‭ ‬جنوب‭ ‬الصحراء‭ ‬الكبرى‭ ‬وجنوب‭ ‬آسيا‭ ‬وأمريكا‭ ‬اللاتينية‭ ‬داخليًا‭ ‬بسبب‭ ‬العوامل‭ ‬المناخية‭ ‬بطيئة‭ ‬الوتيرة‭.‬


على‭ ‬عكس‭ ‬ما‭ ‬يزعم‭ ‬مثيرو‭ ‬الذعر‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬الكرة‭ ‬الأرضية،‭ ‬فإن‭ ‬الغالبية‭ ‬العظمى‭ ‬من‭ ‬هؤلاء‭ ‬المهاجرين‭ - ‬ثلاثة‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬أربعة‭ - ‬سيبقون‭ ‬داخل‭ ‬حدودهم،‭ ‬وستطالب‭ ‬بلدانهم‭ ‬الأصلية‭ ‬بأن‭ ‬يتم‭ ‬تعويضهم‭ ‬من‭ ‬تمويل‭ ‬‮«‬الخسائر‭ ‬والأضرار»؛‭ ‬وهي‭ ‬التعويضات‭ ‬التي‭ ‬تدفعها‭ ‬الدول‭ ‬الغنية‭ ‬المسؤولة‭ ‬عن‭ ‬الانبعاثات‭. (‬في‭ ‬السابق،‭ ‬معظم‭ ‬الطلبات‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالهجرة‭ ‬وضعت‭ ‬تحت‭ ‬الإطار‭ ‬المتعلق‭ ‬بإجراءات‭ ‬للتكيف‭)‬،‭ ‬وسيكون‭ ‬تمويل‭ ‬الخسائر‭ ‬والأضرار‭ ‬موضوعًا‭ ‬هامًا‭ ‬في‭ ‬مفاوضات‭ ‬المناخ‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2023،‭ ‬الذي‭ ‬تم‭ ‬تناوله‭ ‬في‭ ‬‮«‬الحوارات‮»‬‭ ‬الدولية‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬ثلاث‭ ‬سنوات‭ ‬ومن‭ ‬المفترض‭ ‬أن‭ ‬يُبت‭ ‬فيه‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬المقبل‭.‬


وفي‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬ستعمل‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬وصل‭ ‬إليها‭ ‬أعداد‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬المهاجرين‭ ‬لأسباب‭ ‬مناخية‭ ‬على‭ ‬توفير‭ ‬حلول‭ ‬للتكيف‭ ‬فورية‭. ‬وإدراكًا‭ ‬منها‭ ‬أن‭ ‬دكا‭ ‬لا‭ ‬تستطيع‭ ‬تحمل‭ ‬هذه‭ ‬العدد‭ ‬من‭ ‬الوافدين،‭ ‬حاولت‭ ‬بنغلاديش‭ ‬جذب‭ ‬المهاجرين‭ ‬في‭ ‬أماكن‭ ‬أخرى،‭ ‬ووعدتهم‭ ‬بتوفير‭ ‬فرص‭ ‬عمل‭ ‬وتعليم‭ ‬وبنية‭ ‬تحتية‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬منها‭ ‬لمقاومة‭ ‬للتغيرات‭ ‬المناخية،‭ ‬وأبرز‭ ‬مثال‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬هو‭ ‬ميناء‭ ‬مونغلا‭ ‬الذي‭ ‬شهد‭ ‬بعد‭ ‬انفاق‭ ‬استثمارات‭ ‬باهظه‭ ‬زيادة‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬سكانه‭ ‬بثلاثة‭ ‬أضعاف‭ ‬عن‭ ‬العقد‭ ‬الماضي،‭ ‬ويُجري‭ ‬أيضًا‭ ‬تنفيذ‭ ‬برامج‭ ‬مماثلة‭ ‬في‭ ‬إثيوبيا‭ ‬وغانا‭.‬


ستحاول‭ ‬البلدان‭ ‬أيضًا‭ ‬التصدي‭ ‬للظاهرة‭ ‬النادرة‭ (‬والآخذة‭ ‬في‭ ‬التزايد‭) ‬آلا‭ ‬وهي‭ ‬الهجرة‭ ‬المناخية‭ ‬عبر‭ ‬الحدود‭ ‬وهذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬الهجرة‭ ‬لا‭ ‬يمثل‭ ‬سوى‭ ‬افتراضات‭ ‬تعاملت‭ ‬معها‭ ‬تلك‭ ‬البلدان‭ ‬على‭ ‬أنهال‭ ‬مُسلمات‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬حتى‭ ‬وقتنا‭ ‬هذا‭ ‬لم‭ ‬يقنن‭ ‬مصطلح‭ ‬‮«‬لاجئ‭ ‬بسبب‭ ‬المناخ‮»‬‭ ‬مثل‭ ‬مصطلحات‭ ‬اللاجئين‭ ‬بسبب‭ ‬الحروب‭ ‬أو‭ ‬الاضطهادات،‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬لشخص‭ ‬ما‭ ‬طلب‭ ‬اللجوء‭ ‬بسبب‭ ‬تغير‭ ‬المناخ‭ ‬فقط‭.‬


ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬تقول‭ ‬مديرة‭ ‬مركز‭ ‬كالدور‭ ‬للقانون‭ ‬الدولي‭ ‬للاجئين‭ ‬بجامعة‭ ‬نيو‭ ‬ساوث‭ ‬ويلز‭ ‬في‭ ‬أستراليا‭ ‬جين‭ ‬ماك‭ ‬آدم‭ ‬إن‭ ‬الوعي‭ ‬أرتفع‭ ‬بشأن‭ ‬هذه‭ ‬القضية،‭ ‬ففي‭ ‬عام‭ ‬2020‭ ‬قامت‭ ‬وكالة‭ ‬اللاجئين‭ ‬التابعة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬بتحديث‭ ‬توجيهاتها،‭ ‬لتشمل‭ ‬بالحماية‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬يواجهون‭ ‬مخاطر‭ ‬بيئية،‭ ‬وستُناقش‭ ‬هذه‭ ‬القضية‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬المنتدى‭ ‬العالمي‭ ‬للاجئين‭ ‬في‭ ‬ديسمبر‭ ‬2023،‭ ‬ولكن‭ ‬اتخاذ‭ ‬قرار‭ ‬رسمي‭ ‬بشأن‭ ‬ذلك‭ ‬هو‭ ‬أمر‭ ‬غير‭ ‬مرجح‭ - ‬فالبلدان‭ ‬الأقل‭ ‬تأثرًا‭ ‬بالتغيرات‭ ‬المناخية‭ ‬لا‭ ‬تريد‭ ‬أن‭ ‬تلتزم‭ ‬رسميًا‭ ‬بقبول‭ ‬استضافة‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬المهاجرين‭.‬


مما‭ ‬سيجعل‭ ‬تقنين‭ ‬هذا‭ ‬المصطلح‭ ‬عشوائيًا،‭ ‬ففي‭ ‬عام‭ ‬2022‭ ‬وفرت‭ ‬الأرجنتين‭ ‬تأشيرة‭ ‬خاصة‭ ‬للنازحين‭ ‬بسبب‭ ‬الكوارث‭ ‬الطبيعية،‭ ‬وتدرس‭ ‬فنلندا‭ ‬قبول‭ ‬اللاجئين‭ ‬لأسباب‭ ‬مناخية،‭ ‬وتقدم‭ ‬أستراليا‭ ‬مشروعًا‭ ‬سيسهل‭ ‬على‭ ‬سكان‭ ‬جزر‭ ‬المحيط‭ ‬الهادئ‭ - ‬بعض‭ ‬السكان‭ ‬الأكثر‭ ‬عرضة‭ ‬لتغير‭ ‬المناخ‭ - ‬الذهاب‭ ‬إلى‭ ‬هناك‭ ‬للعمل‭ ‬الموسمي،‭ ‬وتُناقش‭ ‬تدابير‭ ‬مماثلة‭ ‬تجري‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬أخرى،‭ ‬ولكن‭ ‬أفضل‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يفعله‭ ‬العالم‭ ‬هو‭ ‬التصدي‭ ‬للاحتباس‭ ‬الحراري‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬خفض‭ ‬الانبعاثات‭. ‬


الغالبية‭ ‬العظمى‭ ‬من‭ ‬هؤلاء‭ ‬المهاجرين‭ - ‬ثلاثة‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬أربعة‭ - ‬يبقون‭ ‬داخل‭ ‬حدودهم‭.‬